المقال
الأخير
في مسابقاتنا الرياضية لم يعد الإعلامي قادرًا على قول ما يراه، فكيف وهو يمارس حقه بنقد العمل، بل إن الأمر تجاوز المألوف إلى حدود محاولة توجيه آرائه باتجاهات هو لا يرغب بها وإن لم يفعل فلن يترك أو يقبل.
ما يحدث الآن في مباريات الدوري أمر يتجاوز كل حدود المنطق إلى الشك، بل ويصل إلى اليقين بأن (الجدول) الخاص بترتيب هذه المسابقة لا يمثل واقع المباريات وقيمة الفرق وقرار نافذ بين متوج ومحكوم بالغرق.
كل ما يتعلق بأطراف اللعبة ومبارياتها سيناريو محبوك ومكرر وحوادث إلى رف اللعبة وجزء من أخطائها مجير ببطاقات وبلنتيات وعقوبات، وحكام جلبوا للعبة العار، ومن لم يمت بأخطائه مات بقرضة (فار).
ومع كل هذا لا يستطيع الإعلامي أن يكتب رأيه بحقيقة ما يرى، وعليه أن يبقى مكتومًا، لأن الإيقافات والملاحقات القانونية مصير محتوم، وهنا تكمن حقيقة ما يكابده الإعلامي، ناديه يسحق وهو صامت عن قول حق.
لم يعد الإعلام مهنة يرغب بها صاحبها، ومن قال إنها هي مهنة المتاعب مرحوم أب حاضر وغائب، فالإعلامي يكابد القهر بين مرجعية تباينت فيها المكاييل، وناد كلما اعتدل أجبر على أن يميل وظلم دار وما تعلمونه قليل.
عندما قررت في العام 2007 أن أنخرط في الإعلام ككاتب (رأي) لم أكن أعلم في ذلك الوقت ما أنا مقبل عليه من الويلات حتى عشت أيامًا لم أعد أميزها من العقوبات والإيقافات وما لا يقال ولو من وراء (التريلات).
خطوة كنت أظن أني من خلالها أستطيع أن أخدم النادي الذي عشقته طفلًا، ناهيك عن هواية أحببت أن أمارسها حتى اكتشفت أن الطموح كلما اقترب يضيع، والمنافسة ليست متاحة للجميع، مسرح ومخرج ومذيع.
واليوم أرى أن الخناق قد ضاق، وبلغت القلوب الأحداق، بطن مكشوف على البلاط، وظهر يئن تحت تأثير السياط، ولم يعد للإعلام مجال لالتقاط الأنفاس وجدوى ليس للمكسب فيها ظهور إلا من رأس مال هو الجمهور.
قد يكون المقال الأخير والذي يسبق خبرًا ونذير، ولا أعلم ما إذا كانت التجربة تستحق التعب، وهل سأخرج بعدها من ملامة أناس قاسمتهم الانتماء وعتب، ورضا لا يدرك بعد تضحية واجتهاد مطرزة بالنكران والأحقاد.