تقليم
مخالب الميول
أزعم أن قواعد اللعبة في قضية النصر مع الهلال والاتحاد تغيرت منذ البيان الأصفر، والذي كان بمثابة الصدمة لمن فاجأتهم الحقيقة، ولمن راهنوا على ضعف حجج النصر، فالشفافية كانت في أوج حضورها، واللغة القوية في ثنايا أسطرها، وتسمية الأشياء بأسمائها في أوضح معانيها، وقدرته في إقناع المتلقي على كل ما يريد أن يعرفه عن القضية الشائكة في أعلى مراتبها، فتحول البيان إلى كتاب مفتوح، بإمكان أي رياضي في الداخل والخارج تبيان القضية بكافة تفاصيلها.
بالطبع هناك من استشاط غضبًا من غرفة فض المنازعات وقراراتها الأخيرة، التي لقيت تأييدًا واسع النطاق من الشارع الرياضي، وأيده القانونيون المحايدون نتيجة قراراتها المنصفة والجريئة، التي شكلت نهجًا جديدًا ومغايرًا عن السابق، بالضرب بيد من حديد لمن يحاول الالتفاف على الأنظمة والقوانين، وأنها بداية مرحلة جديده يتساوى فيها الجميع، ويبدو أن الإعلام الأزرق لم يعتاد على العدالة، وأن تتخذ اللجان القضائية مثل هذه العقوبات الشجاعة والصارمة بحق ناديهم الذي ارتكب مخالفات جسيمة تستحق العقاب، وبالمقابل كانت قضية الاتحاد وحمد الله مع النصر مشابهة في أدلتها المقنعة بعد التسجيلات الصوتية التي يزعم الاتحاد أنها مفبركة.
المقلق أن هناك محاولة استعطاف مركز التحكيم الرياضي من جهة، والتأليب على غرفة فض المنازعات من جهة أخرى، بوسائل ضغط تبناها الإعلام الأزرق، وبعض الموالين من القانونيين، لتخفيف العقوبات أو إلغائها، وهو أمر يشكل اختبارًا حقيقيًا لمن بيده القرار، ويكشف للشارع الرياضي حقيقة تغير اللجان القضائية نحو الأفضل، أو أننا ما زلنا نرتعش في قراراتنا، فالأخطاء واضحة، والمدانون كيانات وأشخاص مكشوفون، والضرب بيد من حديد لكل من خرق النظام مطلب الجميع، أما ما يتناقله الوسط الرياضي هذه الأيام، أن تلك العقوبات سيتم إلغائها وتخفيفها، فهو نذير شؤم لمستقبل كرتنا، ومؤشر ليس في صالح رياضتنا، بإعلان عودتها للمربع الأول، وكأنك يا بوزيد ما غزيت، وهنا لا بد من استرجاع الذاكرة للعديد من القضايا التي فلتت منها أندية دون عقاب، وخرجت بطريقه أو بأخرى من العقوبات، كخروج الشعرة من العجينة، ولذا فقضية النصر مع الهلال والاتحاد ليست مجرد بت في القضايا، وإطلاق أحكام فقط، وإنما تمثل طريق مستقبل رياضتنا القادم، وهل نحن بالفعل تغيرنا إلى الأفضل، وأصبحنا قادرين على تقليم مخالب الانحياز والميول والتعصب.