السمك واللحم مقابل تذاكر توتنام
شهدت مدينة بودو حالة من الشغف غير المسبوقة، قبل المواجهة المرتقبة بين فريق بودو جليمت النرويجي الأول لكرة القدم، وضيفه توتنام الإنجليزي في إياب الدور نصف النهائي لمسابقة «يوروبا ليج»، الخميس.
هذا الحدث التاريخي، الذي يمثل أول وصول لفريق نرويجي إلى هذا الدور المتقدم في بطولة أوروبية كبرى، أثار هوسًا جماهيريًا وصل إلى حد ابتكار طرق غير تقليدية للحصول على تذاكر حضور المباراة الحاسمة.
بعد الخسارة، التي مني بها بودو في مباراة الذهاب على ملعب توتنام، بنتيجة 1ـ3، تضاعفت رغبة الأنصار بمؤازرة فريقهم في محاولة قلب الطاولة على الفريق اللندني، إذ تدفق نحو 50 ألف مشجع للتنافس على تذاكر الدخول إلى ملعب «أسبميرا» الصغير، الذي يتسع لـ 8200 متفرج فقط، ما أدى إلى ندرة حادة في المعروض.
في ظل هذا النقص، لجأ بعض المشجعين إلى عرض مقايضات فريدة من نوعها للحصول على فرصة حضور المباراة التاريخية، وكان توربيون أيده، مدير إنتاج في مزرعة أسماك في سينيا، أحد هؤلاء المبتكرين، إذ عرض أيده خمسة كيلو جرامات من سمك «بوكنافيسك» المجفف جزئيًا، وهو من الأطعمة النرويجية التقليدية الشهيرة، التي تقدر قيمتها بنحو 2500 كرونة نرويجية «182 جنيهًا إسترلينيًا»، مقابل الحصول على تذكرة للمباراة.
ونقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون النرويجية الحكومية «أن آر كاي» عن أيده قوله: «نحن ننتج أفضل بوكنافيسك في النرويج، وربما لا يمكن الحصول عليه في مدينة بودو. لذلك، اعتقدت أن أحدهم قد يرغب فيه»، وقد لاقى عرض أيده قبولًا من أويستين آنيس، الذي كان يملك تذكرة إضافية بسبب عدم تمكن شقيقه من حضور اللقاء، ووصف آنيس هذه الصفقة بأنها «ممتعة»، كما تناقلت ذلك وسائل الإعلام البريطانية.
هذه الواقعة الملفتة ألهمت نرويجيًا آخر، هو نيلس إريك أوسكال، الذي قرر عرض خمسة كيلو جرامات من لحم الرنة، تقدر قيمتها بأكثر من ألف كرونة نرويجية بقليل، مقابل الحصول على تذكرة.
ولم يطل انتظاره ليجد من يقبل بعرضه. وعلق أوسكال، قائلًا: «لم يحتج الأمر وقتًا طويلًا كي يأخذ أحدهم الطعم. السعر لا يهم. سأحظى بتجربة رائعة».
يُعد وصول بودو إلى هذا الدور المتقدم إنجازًا استثنائيًا لفريق ينتمي إلى مدينة لا يتجاوز عدد سكانها 50 ألف نسمة، وتقع على بعد 1200 كيلو متر شمال العاصمة أوسلو، أي ما يعادل 16 ساعة بالسيارة، هذه البقعة الجغرافية، التي كانت تُعرف ببرودتها وبعدها، أصبحت بفضل أداء الفريق، تحت قيادة المدرب كجيتيل كنوتسن، على مدار الأعوام الستة الماضية، محط أنظار كرة القدم الأوروبية.
في الـ 17 من أبريل، حقق بودو أكبر انتصاراته على الإطلاق عندما أقصى نادي لاتسيو الإيطالي بركلات الترجيح بعقر داره في روما، ليشق طريقه نحو الدور نصف النهائي من ثاني أهم المسابقات القارية.
وكان الفريق النرويجي قد حسم لقاء الذهاب على أرضه بالفوز بهدفين نظيفين، بعد إزالة الثلوج المتراكمة عن أرضية ملعبه الصغير، ثم أظهر صلابة دفاعية بمباراة الإياب في روما، حيث خسر بنتيجة 1ـ3، لكنه تأهل بفضل ركلات الترجيح.
يُظهر التباين الكبير في الموارد المالية بين الفريقين حجم الإنجاز، الذي حققه بودو، ففي العام الماضي، لم تتجاوز عائدات النادي النرويجي 68 مليون دولار أمريكي، بعد أن كانت لا تتعدى 4.77 مليون دولار في عام 2017، وفقًا لتصريحات فرودي توماسن، الرئيس التنفيذي للنادي.
في المقابل، احتل توتنام المركز التاسع بقائمة أغنى الأندية في العالم، العام الماضي، بعائدات تقدر بـ 702 مليون دولار أمريكي، بحسب تقرير شركة التدقيق «ديلويت».