2025-09-16 | 22:56 مقالات

العالم الذي نعيش

مشاركة الخبر      

مقال اليوم من أخبار ودراسات العالم الذي نعيش، العالم الذي كلما عشت فيه أكثر، تأكدت أنه يتكوَّن من ثمانية مليارات عالم، وليس عالمًا واحدًا، فكلٌّ يراه بصورةٍ مختلفةٍ، حتى الأشياء التي يتفق الناس عليها بصورةٍ عامةٍ، يختلفون في تفاصيلها، لذا صرت كلما سمعت رجلًا يقول شيئًا لا أتفق فيه معه، أقول إنه يراه من عالمه بغض النظر عن صحة ما قاله، أو ما قلته.
قناعتي هذه جعلتني أكثر هدوءًا، وأكثر تشككًا في أفكاري وقناعاتي، لأنني غيَّرت وما زلت أغيِّر بعضها، والمؤسف أنني دافعت وباندفاعٍ عما غيَّرته. كانت عندي قناعةٌ بأن كل الناس طيبون، واختلافاتهم وصراعاتهم سببها سوء التفاهم لا غير. اتضح لي أن صراع الخير والشر كان وما زال وسيبقى، لأنه من طبيعة الحياة، والفائز هو الذي يكون «فعلًا» في صف الخير، وهو أمر ليس بالهيّن، فحتى الشخص الظالم يظن أنه إنسانٌ خيّر، ولديه تبريراته التي لا يشك فيها.
مسكينٌ إيلون ماسك، لقد عاش مأساة ألَّا يكون أغنى رجلٍ في العالم! هناك مَن تجاوز ثروته. لقد حزنت عليه كثيرًا، ولو كنت أعرفه شخصيًّا لاتصلت به، وقاسمته ألمه، فقد حصل لاري إليسون على لقب الأغنى في العالم بعدما ارتفعت ثروته إلى 393 مليارًا إثر ارتفاع سعر سهم أوراكل 43‎%‎، حيث يمتلك لاري حصةً فيها، تزيد عن 40‎%‎، ليحصل على 100 مليارٍ في ساعاتٍ قليلةٍ! لكن ولله الحمد، لم يحمل لاري اللقب طويلًا، فبعد ساعاتٍ عاد إيلون ليستعيد اللقب، ولا أعرف إن كان سهم أوراكل انخفض، أو سهم تسلا ارتفع! الحمد لله أنني لست أستاذًا جامعيًّا في الاقتصاد، لأنني لو كنت، لقلت للطلاب إن هذه المليارات الفلكية لا علاقة لها بالاقتصاد، ولا يوجد شيء في علم الاقتصاد يبرر أن يربح فردٌ واحدٌ 100 مليارٍ في ساعاتٍ، ولقلت لهم إن ما يحدث مجرد ألعابٍ، ضحيتها هيبة المليار. رحم الله تلك الهيبة، كانت لها شنة ورنة. كان المليار هو أقصى رقمٍ تردده الناس والاقتصاديون. الآن حتى التريليون صار رقمًا متداولًا، خاصَّةً عندما تعد الدول الكبرى ديونها. في أحد لقاءات بيل جيتس سمعته يقول إنه شعر بالسعادة عند تحقيقه أول مليارٍ، المليارات التي تلت كانت مجرد أرقامٍ. ابن المحظوظة!
لن أنقل شيئًا من آخر الدراسات، بصراحةٍ صار عندي توجُّسٌ من كلمة «دراسة» بعدما صرت أقرأ عناوين دراساتٍ لا أول لها ولا آخر! تخيَّلوا أن هناك دراسةً تجيب عن السؤال التالي: هل الصراخ بلغةٍ أجنبيةٍ يقلل التوتر مقارنةً بالصراخ بلغتك الأم؟ إيه.. راحت الدراسات راحت!