سليمان.. ابن الزمالك كتب التاريخ في العراق
لم يكن المصري مؤمن سليمان نجمًا على أرضية الملعب، كان لاعبًا محدود الشهرة وسط كوكبةٍ من نجوم «مدرسة الفن والهندسة»، لكنه صنع لنفسه اسمًا بين المدربين العرب، بعدما تُوِّج بالدوري العراقي في ثلاثٍ من آخر أربعة مواسم، وبكأس العراق مرتين متتاليتين، وقبل ذلك بكأس مصر مع الزمالك.
وتحت قيادته الفنية يواجه الشرطة العراقي، مساء الإثنين، ضيفه الاتحاد السعودي، ضمن ثالث جولات مرحلة المجموعات من دوري أبطال آسيا للنخبة.
درب سليمان سبعة فرقٍ في بلاده بينها الزمالك، فريقه من 1994 إلى 1999 عندما كان لاعبًا.
شغَل مدرب الشرطة مركز الظهير الأيسر، وبعد رحيله عن «القلعة البيضاء» لعِب لفريق منتخب السويس، قبل أن يغادر مصر، في نهاية عقد التسعينيات الميلادية، للاحتراف الخارجي في أندية صغيرة بهولندا واليونان.
عاد الظهير الأيسر إلى القاهرة بعد بضعة أعوام، وقرر في 2004 اعتزال اللعب والاتجاه إلى التدريب.
ومنذ اعتزاله وحتى عام 2015، عمل مدربًا مساعدًا في العديد من الفرق، منها الزمالك ودرّب فريق الشباب في الأهلي السعودي لفترة قصيرة.
وبعد العودة من جدة، توقف سليمان عن أداء دور الرجل الثاني في الأجهزة الفنية ورأى نفسه مؤهلًا ليصبح الرجل الأول، وهو دورٌ منحه له فريق نجوم المستقبل المصري، ثم الإنتاج الحربي ويليه بيراميدز قبل تطويره، عندما كان اسمُه الأسيوطي سبورت. لم يطل مُقام سليمان مع أي من هذه الفرق، لكن نتائجه الجيدة مع الأسيوطي سبورت لفتت انتباه الزمالك إليه، فعيَّنه النادي الأبيض والأحمر مدربًا للفريق الأول خلال صيف 2016. خطوة زملكاوية لم يتوقعها أحد من نادٍ اعتاد على الاستعانة بمدربين من ذوي الأسماء الرنّانة.
بدأ المدرب الشاب المهمة الصعبة بالفوز على الإسماعيلي 4ـ0 ضمن نصف نهائي كأس مصر 15- 2016. وفي المباراة الثانية له، واجه الأهلي، الغريم التقليدي وبطل إفريقيا التاريخي، في النهائي، وانتصر عليه 3ـ1، ليرفع اللقب، في 8 أغسطس 2016، ويبدأ صناعة نجوميته في عالم التدريب. وبعد نحو شهرين فقط من المنجز المحلي، وصل سليمان بالفريق إلى نهائي دوري أبطال إفريقيا، للمرة الأولى منذ 2002، فصعدت بشدَّة أسهمُه. لكن صن دوانز الجنوب إفريقي خطف الكأس القارية، إثر الفوز 3ـ1 بمجموع مباراتي الذهاب والإياب. وفي نوفمبر من العام ذاته، استقال سليمان من منصبه، الذي شغلَهُ في 12 مباراة فقط، اعتراضًا على انتقاداتٍ متزايدةٍ داخل النادي على أداء الفريق.
طوى سليمان هذه الصفحة، التي ملأتها العاطفة وعاش فيها متناقضات السعادة والحزن. وخلال الأعوام الأربعة التالية، تنقل بين فرق سموحة والمقاصة وبتروجيت والنجوم في بلاده، قبل أن يُكلِّفه اتحاد القدم المصري، أواخر عام 2020، بقيادة منتخب الناشئين، في مهمةٍ استمرت 8 أشهر فقط، وتبِعَها توجُّه صاحبها على الفور إلى العراق لتدريب فريق الشرطة.
وقاد سليمان الشرطة إلى حصد لقب الدوري في نهاية موسمه الأول على الأراضي العراقية، وأتبعهُ بلقب كأس السوبر المحلي، قبل أن يغادر بعد موسمين مع الفريق لتدريب القوة الجوية في الدوري ذاته في محطةٍ كانت قصيرة لكن شهِدَت فوزه بالكأس المحلية.
رحل المدرب المصري عن دوري «بلاد الرافدين» واتجه إلى ليبيا لقيادة اتحاد طرابلس، لكنه عاد العام الماضي إلى الشرطة، وتُوِّج معه مجددًا بالدوري، وأضاف إليه رفع الكأس المحلية. وللمرة الثانية، يغادر سليمان العراق ويتجه إلى ليبيا، التي عاد إليها لتدريب أهلي بنغازي. لكن وبعد 6 أشهر فقط، وفي مارس الماضي، عيَّنه الشرطة للمرة الثالثة مدربًا للفريق، فحصد لقب الدوري العراقي للموسم الثاني على التوالي والثالث في آخر أربعة مواسم، ورفع عدد ألقابه إلى ستة، أولها في بلاده والباقي مع الشرطة والقوة الجوية. وفي ظل تتالي النجاحات، تستمر الشراكة بين سليمان والشرطة لموسم جديد، يتنقل خلاله الفريق بين التحديات المحلية والقارية.
وتاريخيًا، بات المصري، البالغ من العمر 51 عامًا، ثاني أنجح مدرب في سجلات الدوري العراقي، بعد أيوب أوديشو، ابن العراق، الذي فاز بالبطولة أربع مرات.