الوطنية مشكلتنا
في عصر التقنية أتواصل مع كل فئات المجتمع عبر وسائل الاتصال المختلفة، وكثرة الأسفار تزيد من هذا التواصل، فأكون بذلك قريباً من نبض المواطن والمقيم فأعرف كيف يفكرون وبماذا يحلمون، وقد ساعدتني مدة الإقامة الطويلة في جنوب أفريقيا أن أنظر للمجتمع من بعيد أو كما يقال "أفكر خارج الصندوق"، في بحث عن مشكلتنا الحقيقية .. وقد خلصت إلى أن "الوطنية مشكلتنا".
أرجو ألا يتبادر إلى ذهنكم إنني أزايد على وطنية أحد، أو إنني أعمم كلامي على الجميع ولكني سأورد بعض الشواهد التي تؤكد أن "الوطنية مشكلتنا"، مما يفسر مقولة عمر بن الخطاب: "لولا حب الأوطان لفسدت بلاد السوء"، وكأنه يقول إن الدول المتقدمة حتى لو ابتعدت عن هدى الله فإن الذي يحميها هو حب المواطن لوطنه، رغم الضرائب والقلاقل والأزمات فهم يحبون أوطانهم أكثر مما يحب غالبيتنا وطنه.
حين يبكي لاعبو غالبية المنتخبات المغادرة لكأس العالم حرقة على الخسارة، في حين كان بعض نجوم المنتخب يتقاذفون بقشر البرتقال في الحافلة التي أقلتهم من الملعب بعد الخسارة من ألمانيا بثمانية أهداف، فيمكن القول إن "الوطنية مشكلتنا".
حين تتحسر الجماهير على خسارة منتخباتها لدرجة الانهيار، في حين يقيم بعضنا الولائم بمناسبة خروج المنتخب السعودي فبالتأكيد "الوطنية مشكلتنا".
حين تفاخر كل الشعوب بإنجازات نجومها وأنديتها ومنتخباتها صغيرة أو كبيرة، في حين يبادر بعضنا بالتشكيك في تلك الإنجازات والألقاب بل يفضل أن تذهب لغير السعوديين، فصدقوني "الوطنية مشكلتنا".
حين يبادر بعض المسئولين للعبث بالمال العام، فتتضاعف تكاليف المشروعات في السعودية مقارنة بمثيلاتها في دول العالم، فمن يخالفني القول بأن "الوطنية مشكلتنا".
حين تنطلق السيارات بسرعة وسهولة في الجانب البحريني من الجسر لأن العاملين يبذلون قصارى جهدهم، بينما تتعطل الحركة في الجانب السعودي لأن الموظف لا يهتم، فهو يصرخ "الوطنية مشكلتنا".
حين نتنابز بالألقاب فنسمي أهل كل منطقة بما لايحبون، وتنتشر رسائل الجوال والبلاكبيري التي تنتقص من إخواننا المواطنين في سباق للسخرية والتندر بشكل يفرقنا ولايجمعنا، نعم "الوطنية مشكلتنا".
وهل لهذه المشكلة من حل؟
الحل تغيير ثقافة المجتمع تجاه الوطن والآخرين، مشروع توعوي ضخم يجب ألا يتأخر أكثر، فغالبيتنا لا يطبقون مقولة الرئيس الأمريكي"كندي":"لا تسأل ماذا يعطيك الوطن ولكن اسأل ماذا تعطي أنت للوطن"، كما أن غالبيتنا لا يحترم الآخرين ولم يتعلم استخدام كلمات الأدب(شكراً، آسف)، كما أن ثقافتنا الخاطئة تفضلنا على الآخر بالمنطقة والقبيلة والمنصب والجاه وغيرها، ونحن بذلك نخالف ديننا الحنيف.
بالأمس كان يوم "فيفا ضد العنصرية"، ونحن بحاجة إلى أيام توعوية كخطوة على طريق طويل لنشر الوعي.. لعل أهم خطواته تغيير منهج "التربية الوطنية"، فحين نتعلم حب الوطن سنتفوق..وعلى منصات الوطنية نلتقي.