2011-06-11 | 18:00 مقالات

إعلام مسبق الدفع

مشاركة الخبر      

انفجر الإعلام الرياضي “كماً”، فتضاعفت أعداد الصفحات وساعات البث بشكل لم يسبق له مثيل، فكان من الطبيعي أن يؤثر ذلك على “الكيف”، بحيث يستحيل أن تضمن الجودة مع هذا الكم الكبير. فظهر نوع خطير من الإعلام الرياضي يشبه بطاقات الجوال مسبقة الدفع، فهو إعلام يقبض أولاً ثم ينشر أو يبث.
“الإعلان التحريري” وسيلة شرعية للترويج بحيث تحصل الشركات على مساحة تحريرية تعادل نسبة من الإعلان التجاري لتمارس من خلالها تلميع الشركة ورموزها ومنتجاتها بطريقة غير مباشرة كالمقابلات والتحقيقات وغيرها، ولكن “إعلاماً مسبق الدفع” يقبض مباشرة من الشركات أو الأشخاص ليبرزهم بوسائل الإعلام المختلفة بطريقة ممجوجة تسيء للجميع، فأصبحنا نعرف سعر بعض الإعلاميين من هذه الفئة ونجزم بأن هذه الحلقة أو تلك المقالة أو ذلك التحقيق “مسبق الدفع”.
“الإعلان غير المباشر” وسيلة شرعية أخرى للتسويق، بحيث يبرز شعار الشركة أو ما يرمز إليه بشكل شبه عارض في المسلسلة أو خلفية الصورة، فنشاهد السيارة التي يقودها البطل من ماركة محددة، والبطل يشرب منتجاً بعينه، ويوقف سيارته أمام المطعم ذاته، في تكرار يرسخ أسماء وشعارات المنتجات والشركات وغيرها، ولكن “إعلاماً مسبق الدفع” يحصل على المال أولاً ليفسد علينا المباراة بكثرة التركيز على الشاري لذمة الإعلام، فنتأكد من تكرار الصورة وإبراز صاحبها أن الأمر “مسبق الدفع”.
إن الأمر أخطر بكثير مما يتصور البعض، فتلك الفئة التي باعت الأمانة مقابل المال – وإن قلّت عدداً – فإن تأثيرها كبير وخطير، لأن القضايا التي تطرح والشخصيات التي تستضاف والأهداف التي ترسم لن تقاس بالمصلحة العامة للرياضة السعودية ولكن بالمصلحة الخاصة لجيوب وحسابات أصحاب النفوس الرخيصة، والأخطر من ذلك أن يسمح لهؤلاء أن ينشروا سمومهم في عقول الشباب، فيقلبون الحقائق فيصبح الباطل حقاً والحق باطلاً.
إنني لا أعتب على تلك الفئة الضالة، ولا أظن أن صوتي سيوقظهم من غفلتهم قبل أن ينكشف زيفهم ويرميهم الوسط الرياضي في مزبلة التاريخ، ولكنني أوجه النداء لمن يدفع لهؤلاء ولمن يسمح لهم بالظهور على المتلقي الذي أصبح أكثر وعياً وتمييزاً، وتأكدوا أن الدوائر ستدور وسيقع اللوم على كل من ساهم في نشر ثقافة “إعلام مسبق الدفع”..وعلى منصات الإعلام النزيه نلتقي.