2014-05-07 | 07:33 مقالات

اللعب بالسلاح

مشاركة الخبر      

"عبد الرحمن" شاب رائع في الصف الثالث متوسط، فأخلاقه يشهد بها البعيد والقريب وتميزه العلمي يؤكده اختياره لبرنامج التميز وكان على موعد مع اختبار القياس لتحديد مستوى تميزه، وفي بيت جده يعرف الجميع أنه الأميز علمياً بين الأولاد والأحفاد، كل هذا كاد أن يضيع بسبب "اللعب بالسلاح".

فقد خرج من مدرسته يمشي مع زميلين لبقالة مجاورة، وكان زميل آخر لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره يلعب بالسيارة، لم يكن كالصغار يكتفي بتخيل نفسه سائقاً لها، بل كان يقودها فعلاً ويلاحق الطلاب لتخويفهم مثلما كان يفعل في لعبة "سيارات التصادم" في الملاهي، ولكن السيارة أكبر وساحة اللعب شوارع يمشي فيها بشر، وكانت النتيجة المتوقعة للتهور والاستهتار عند "اللعب بالسلاح".

بسلاحه الفتّاك توجه ذلك المستهتر للطلاب الثلاثة ممازحاً بسيارته التي يعاملها مثل "سيارات التصادم" لكنه لا يستطيع التحكم بها لصغر سنه وحجمه وعقله، فيقفز أول الضحايا بعيداً وينجو الثاني بعد أن لمسه صدام السيارة الذي اصطدم بثالث الضحايا "عبد الرحمن" فكسر فخذيه وكاد أن يقتله، وأتوقف عن الكتابة لأمسح الدموع التي ملأت عيني لمجرد تخيل فقدان "ابن أخي" بسبب "اللعب بالسلاح".

جاء والد الجاني للمستشفى يطلب التنازل من أخي ليخرج ابنه المتهوّر من السجن، وكعادتنا التي ورثناها عن أبي حفظه الله تمّ التنازل دون قيد أو شرط، ليصرخ السؤال: من الجاني الحقيقي؟ هل هو الطفل أم والده أم المجتمع أم النظام الذي يتساهل مع "اللعب بالسلاح".

أعود للبطل "عبد الرحمن" فأقسم بأنني لم أر في حياتي أصبر منه، فقد أسرعت للمستشفى ووجدته مستلقياً على السرير دون إظهار علامات التألم، فأيقنت أن الأمر بسيط مع استغرابي لصبره على الرضوض، وطلبت رؤية الأشعة فوجدت الفخذين مكسورين بالكامل وأحدهما قد مزق اللحم والأعصاب وكاد يخرج من الجلد، فلم أصدق ما أراه، ورجعت إلى البطل الصامد وسألته عن الألم فأكد وجوده وصبره، وسألت الطبيب "محمد خير" فقال إن مثل هذه الكسور تجعل الكبار والصغار لا يتوقفون عن الصراخ والعملية غداً لضرورة الصيام، فزاد إعجابي وفخري ببطل العائلة وحمدت الله على أن أنجاه من "اللعب بالسلاح".



تغريدة tweet:

اللعب بالسيارة كاللعب بالمسدس .. وعلى منصات السلامة نلتقي..