ولد فيصل
يحفظ التاريخ سجلات مكتوبة بمداد من ذهب عن أحد أعظم ملوك الأرض على مر العصور "فيصل بن عبدالعزيز" الذي لا تخلو عاصمة عربية من مشروع أو حي أو شارع باسمه المحفور في ذاكرة الجميع، ومنذ رحيله عام 1975م والعالم يتذكره بخليفته في وزارة الخارجية نجله الأكثر شبهاً به "سعود الفيصل" ليردد العالم: "هذا الشبل من ذاك الأسد".
على مدى أربعين عاماً قاد "ولد فيصل" سفينة الخارجية السعودية باقتدار وحنكة يشهد بها العدو قبل الصديق، فقال عنه "غورباتشوف": لو كان عندي مثل "سعود الفيصل" لما تفكك الاتحاد السوفيتي، وقال "صدام حسين": حين كنت في حرب مع إيران جعل "سعود الفيصل" كل العالم معي وحين دخلت الكويت قلب كل العالم ضدي، وقال عنه "كولن باول" وزير الخارجية الأمريكي الأسبق: إن "سعود الفيصل" يعادل اللوبي الصهيوني بأكمله.
كتبت قبل عام: أن "سعود الفيصل" هو المسؤول الوحيد الذي لا بديل له، وكررت هذه المقولة في مناسبات عديدة وطالبت بعد تنحيه من الوزارة أن يسمى المعهد الدبلوماسي باسمه تمهيداً لتحويله إلى "جامعة سعود الفيصل للعلاقات الدولية"، وأكرر اليوم المطالبة مؤملاً أن نثبت للعالم أسمى معاني الوفاء لرجل بذل كل حياته في خدمة الدبلوماسية السعودية.
لم يفاجئني رد فعل المجتمع السعودي والخليجي والعربي والدولي فجميع المحطات الإخبارية تناقلت الخبر مؤكدة رحيل أهم رموز الدبلوماسية العالمية، وسجلت وسائل التواصل الاجتماعي أرقاماً قياسية غير مسبوقة للتعبير عن مشاعر الحزن والأسى لرحيل "عراب الدبلوماسية" في الأربعين عاماً الماضية، وأملي كبير في أن يتعلم بقية المسؤولين من سيرته العطرة إذا رغبوا في وداع صادق وأثر لاحق حين يغادروا هذه الدنيا الفانية.
تغريدة tweet:
"الخطب أكبر والمصاب رهيب والجرح ينزف والفؤاد كئيب"، هذا مطلع قصيدة كتبها والدي قبل أربعين عاماً في يوم وفاة "الملك فيصل"، أعدت اليوم قراءة أبياتها التي تربو على السبعين، فوجدت أن نصفها يليق براحل اليوم "ولد فيصل" فتأكدت أنه الأقرب لأبيه وأيقنت أن الزمان لن يجود بمثله لأنه لم يجد بمثل أبيه، ورفعت كفي للسماء ودعوت الله ان يجمع فيصل وسعود في جنة عرضها السماوات والأرض، فقد قدما للإسلام والمسلمين ما يشفع لهما بإذن الله، وعلى منصات الوفاء نلتقي،