(دبرّوا الرجال)
مفجع ما يحدث في الرياضة السعودية، أقولها وأنا أدرك ما أقول، وأقول ما أدرك، إذ إن التجاوزات مُصّرة على أن تحضر في شكل سافر لايليق بالصغار فضلاً عن الكبار.
يحدث ذلك للأسف في وقت بدأ الاستثمار يضع قدماً قوية داخل أروقة الأندية الرياضية حتى المكافحة منها، إذ أخشى أن يجد رجل الأعمال نفسه متوجساً من فكرة الالتفات برأسه ماله واستثماراته إلى الوسط الرياضي، خاصة وهو يراه بلا متخصصين، والعمل فيه مبني على اتصال هاتفي بطريقة "دبرّوا الرجال" بعيداً عن العمل بأنظمة ولوائح وضعت لفرض نظام، وبالتالي عمت الفوضى كل شيء، وبالتالي أصبح المشهد الرياضي السعودي مهلهلاً للقريبين منه، متماسكاً لمن يرونه من بعيد، ما يُميّزه مُدّرجه فقط.
سابقاً أثنيت على عمل لجنة الحكام خصوصاً بعد مخرجاتها الجيدة المتمثلة في فهد المرداسي أو تركي الخضير، وبقية الأسماء الشابة لكنها فشلت في إعادة وهج دولييّ الأرشيف المُحملين بالسوابق الميدانية والإيقافات، ووقائع لفت النظر، وغيرها من الدخول في إشكالات يتذكرها المتابعون جيداً.
أتساءل: ألم يعد من الأحرى أن يُحال العمري والهذلول والعريني إلى التقاعد المبكر، لتصفو الساحة لحكام شباب بلا سوابق، ويغفر لهم الجميع هفواتهم في ظل أنهم بلا تصنيف أيضاً خصوصاً أنهم في بداية الطريق.
أنا هنا لست في طور استعراض مشاهد هي عبارة عن مؤشرات وضع سيء قائم، ولكنني في محاولة لإصلاح ما أفسده عطارو الوسط الرياضي لدينا، في ظل إنهم ينظرون إلى ما يحدث على أنه عبارة عن تصرفات فردية لاتمت لحقيقة الواقع بصلة مما فتح الطريق لهذه التصرفات إلى أن تتحول إلى سلوكيات، والمخيف أنها تستمر لتصل إلى مستوى العادات في حين أنها لم تكن على مستوى شخصي إذ سارع الكثير - ومن دون قصد أحياناً- وعلى مستويات مختلفة إلى البحث عن ال SHOW أو ال ACTION تصريحاً أو تلميحاً أو عملاً إدارياً أو حتى تنظيمياً، وبالتالي لم ينجح أحد، ولا يلوح في الأفق أن هناك من ستكون نتائجه مختلفة عن من سبقه، وسيكون الفشل نتيجة للجميع.
أدرك أن هذه المشاهد مصنوعة ولم تكن أصيلة في الوسط الرياضي، ويبدو أن مُخرج هذه المشاهد استعان ببعض مؤدي الأدوار عديمي الموهبة أو ممن لا يفقهون في هذه الصنعة، وبالتالي خرج المُنتج رديئاً، ولم يحز على رضا مشاهديه، وهي حالة تنطبق على عدد من المسؤولين الذين تسلموا مناصب عدة وهم لم يمارسوا رياضة -أياً كانت- فضلاً عن العمل في داخل الأندية في فترات مبكرة قبل الوصول إلى مراتب عليا وقيادية، ولذلك ظهرت الممارسات التي لا تمت للرياضة بصلة، في ظل أن بعض مسيريها هبطوا إليها بواسطة "باراشوت".
ختاماً أجزم أن إصلاح الوضع يبدأ بالاعتراف بالخطأ وعدم المكابرة، ومن ثم الوقوف على جميع الأخطاء بعين الراغب في الإصلاح، وعدم تغليب مصلحة ناد على آخر، وعندها سنكون بخير، وهو ما ننشده لخير وطن سكناه وسكنتنا محبته.