أما الأزمة فلا أزمة
يسترسل (فيفا) في أزماته، وكأنه لا يستغني عن العيش بدون أزمة، قد يكون ذلك من (كاريزما) جوزيف سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، أو من طباع تلك القلاع القديمة التي تصنع الحرب، و(فيفا) أهل لذلك وفق ما تراكمت من أحداث أخيرة شهدها العام والعالم مروراً بين الأزمة والأخرى، ومن جنوب أفريقيا حتى بلغت الآن برازيل ما ستأتي عليه كأس العالم 2014.
هذه المرة: الحديث عن خسائر تقدر بـ مليار دولار إن أخلت المدن المستضيفة في البرازيل بشروط المنظّم، من هذه الشروط بيع التذاكر بنصف القيمة للطلبة، ولمسنين فيما بعد الخامسة والستين، وفيما تنقل صحيفة (ستادو دي ساباولو) ذلك عن بلاتر تضيف: قال يجب أن تباع المشروبات الكحولية داخل الملاعب، فبلاتر يطالب بذلك وفق شروط حقوق التنظيم، وسط تطمينات من الرئيسة ديلما روسيف بالوفاء بشروط (فيفا).. حكاية مستفزة أليس كذلك؟
قلت: لن تعجز البرازيل عن تحقيق الشروط، فيما دول أخرى ـ أكثر تشدداً ـ أعلنت عن موافقتها المبكرة على مثل هذا النوع من تنفيذ رغبات (فيفا)، ولم يكترث لـ حريتها، فيما حرية الآخر تملي عليها أن تفعل ما تشاء، فهي على حق ولو تعارضت معك!!
ولكني أرى الأمر ـ أقل من أزمة ـ وأكثر من تشويش ـ كأنما على (فيفا) ارتكابه في كل مرة، ومن باب أن يحمى وطيس العالم رياضياً، ومن زوايا عدة تغلي فيها العراق وفق ما كتب من تقرير لمراقب ـ إيراني ـ أدى لنقل مبارياته عن أراضيه، كون لا أمن في ملاعبه، ولا من أحداث تتصاعد في كل مرة يتسبب فيها اتحاد الكرة الدولي في إشعال عود الكبريت حتى يرى دخان ما اشتعل، غير أنه في هذه المرة بالغ، فهي البرازيل، وأسقط عليها ما فيها من أقداح وأفراح وليال ملاح، فليست الدولة المتشددة، ولا الغنية (جدا) التي تزهد في المال، ولا الثرية التي تستضيف المونديال كرغبة، ولا المنتخب الذي يغيب، ولا الجماهير التي لا ترقص ولاتغني، وبالتالي إذا ما كانت الدول الأقل انفتاحاً سلمّت طواعية بأمر كراسة الشروط وستأتي منظّمة، لن تأبه البرازيل بمثل تخوفات بلاتر، كون مصلحتها في كل ذلك، وعدم مصلحتها في ألا تفي بالتزاماتها، فيما بلاتر ينبّه عما ليس عليهم تركه وهو المتاح وما غيره يترك للدول الأخرى التي ترفض تنظيم كأس العالم من بوابة الكحول، وليس أكثر.
ما يعني ألا تصدّق بلاتر، ولا أن تذهب إلى أبعد من قناعة: قد يستحث الرجل العمل، وتسارع الخطوات، ولكن بتحكّم يشبه قناعته تلك التي تقول “إن كرة القدم يجب أن تذهب للشعوب وبالتالي فازت x على y بالتنظيم من أجل نشر هذه الثقافة” فيما كان يحكم الأمر التصويت .. (إذاً) البرازيل في ورطة تنفيذ كراسة الشروط !! أما الأزمة لا أزمة، هل تصدق؟ .. إلى اللقاء.