ما الذي اختلف؟
هل الوعي أم ما تعودت عليه الميادين من لاءات محمومة، تخرج ولا تعود للمنازل، تحطم غاضبة، فبمثل هذا الخروج عن النّص ـ رياضياً ـ لن تغادر الجماهير العربية، كونها فوضى خلاقة أخرى، والتفاف مستمر على الثورة، ونظرية مؤامرة بين نظام فسد، وآخر تطارده الأشباح، فرئيس الزمالك لا يعلم من دس جماهير ناديه في الفوضى بهذه الطريقة، والروايات تتعدد بين توانسة جماهير بادروا بنفس الفعل في مباراة سابقة، ومصريين دخلوا لأرض الملعب عنوة في هياج لا يبشر بمستقبل (ثورة)، ولا بوعي شباب يصنعون أحلاماً أجمل، وما الرياضة إلا مقياس، وإن حدثت قبل ذلك كوارث مشابهة في ـ دول متقدمة ـ كحادثة هيسل الشهيرة وإن كانت في المدرج وليس في أرض الملعب، ولكنهم هناك لاحقوا الجناة لمدة ثلاثة أعوام حتى عاقبوا المتسبب، وامتدت الإصلاحات لفتح بوابات خروج جديدة للجماهير لا تؤدي للتزاحم ولا للقتل، فيما أسمع رئيس نادي الزمالك يتحدث للعربية القناة كالمستصيب، في شك: لا أعلم من أوعز للجماهير في توقيت واحد بأن تذهب للتفاهم مع التوانسة، وإيحاء: هناك من دفعهم وقال خربوا فالثورة لا يجب أن تنجح، وقد يكون الزمالك ـ بعيداً عن الثورة ـ هو المستهدف، ولكن ماذا عن اتحاد الكرة المصرية هل هو أيضاً من ضمن حزمة الأفعال، تفاصيل كثيرة، ولكنها في الأخير بعيدة عن وعي شباب قالوا: ستصنع وطن، وعن ثقافة تغيير، فلم تغادر ذاكرتنا بعد, ما حدث بين المنتخبين المصري والجزائري قبل الثورة، ولن يغادرها أيضا مشهد التوانسة فيما تزحف عليهم الجماهير من أماكن متفرقة في الملعب، هو الوعي نفسه، والممارسة وردة الفعل فالعقوبات وما سيترتب عليها.
ما أود الإفضاء إليه أن يعمل الجانبان المصري والتونسي على عدم التهاون في مثل هذه الممارسة، ولتأخذ الأزمة من باب أحد أهم الملفات الإصلاحية الجادة، مثلها مثل الاقتصاد والسياسية والثقافة وبقية ما يجب أن يعدّل، وملاحقة المتسببين، طالما الهدف التغيير نحو الأفضل ـ لا أعلم هل هناك في الدساتير الجديدة ما قد يراعي ذلك؟! ـ ولكني: الأمر بمجمله يصب في تحسين الصورة واختيار قوالب جيدة مضيئة تنسب للثورة التي قاتلوا من أجلها كونها الديمقراطية والحرية، وما نتمنى ألا يكون مطاطياً وأن يأتي كممارسة حقيقة لا يافطات، الثورة تلك التي ذهب ضحيتها عشرات القتلى, بل المئات فيما كان الأمر في ليلة المباراة تلك يعد من الكوارث التي كادت أن تقتل العشرات.. إلى اللقاء.