تفرح بقدر ما فقدت
في مجمل أمس منتخب سعودي كبير ولكنه يسعد، لا يجب أن تقول أكثر من ذلك، فيما نعلم جميعاً من ذهب لليمن ومن بقي مما لدى الكرة السعودية من لاعبين ونجوم، لم يخسر المنتخب السعودي (الثاني أو الرديف) أمس في نهائي دورة الخليج العشرين باليمن، فيما بلغ الطرف النهائي وقدم العديد من المهارة والأداء الجيد، ولكنها الكرة (هدف)، وليس هذا تقليلاً من المنتخب الكويتي (الأول) ولكنها الحقيقة التي يجب ألا نقفز عليها، وفق حسابات بسيطة، فالمنتخب السعودي الذي كان في اليمن هو الرديف وهو الثاني وهو الند للكويتي الأول، ما يعني وبحسبة بسيطة أن الخسارة لم تكن في مقتل وإن كان نهائي دورة وبهدف، كان لزاماً أن نرى منتخباً مقنعاً، ولم نكن نتوقع أن يؤدي أفراد المنتخب السعودي (الرديف) كل هذا العطاء، وهذا التجانس، وهذه الروح، وهذه القتالية قياساً بخبرته وبخصمه وكافة ما لديه من ظروف، ولا أبرر الخسارة بقدر ما أرى الأمر من زوايا أبعد حتى لو أحزنتنا أمس.
تمت صناعة منتخب سعودي آخر، وبالتالي نتمنى ألا تذهب هذه الصناعة أدراج الرياح, أو ألا يتم الاستفادة من توظيف هذه العناصر الجيدة في سياق منتخب أقوى، يمتلك خبرة أكبر في التلاعب بالخصم، وقراءة من أين تؤكل كتفه بشكل أمهر، ومعرفة أقصر الطرق، وبالذات في خط الهجوم السعودي، فمنتخبنا الرديف من وجهة نظر شخصية لا يمتلك حلولاً هجومية، نعم يصل ولكنه لا يفكر في ترجمة التقدم لأهداف، ولا يجيد فك التكتل، فيما يمتلك زمام منتصف الملعب ويلعب اللمسة الواحدة بمهارة، وتركيزه عالياً وأخطاؤه أقل، ومسؤولية أدائه وانضباطه مرتفعة، لكن الخبرة لم تسعفه في خط الهجوم، وفيما لو لاحظت أغلب ما هدد به المنتخب السعودي (الرديف) خصومه لوجدت أنها من خلال التسديد عن بعد أكثر من الاختراق فيما عدا هدف الإمارات.
من هنا لا تحزن، بل إن ما تلقاه هذا المنتخب من جرعات نفسية أمام خصومه في اعتقادي أهم من الظفر بالكأس، دون أن يتعلم كيف يقاتل أو يجابه خصمه بنفس القدر من روح التحدي إن لم تكن أكبر، ومثل هذا الدرس يأتي مع منتخب صغير السن كالذي شاهدناه أمس في اليمن (فيما كان بإمكانه هزيمة الكويت منذ الدور الأول بركلة الشلهوب تلك)، فوائد كثيرة خلص إليها المنتخب السعودي الرديف، وبالتالي لم يخسر، ولا يجب أن يقابل بالنقد أو بتلك العبارات التي غالباً ما يكرسها أي إعلام عند خسارة منتخب بلاده، لا أقول لا ينتقد، بل لا يستهجن وينتقص ويأتي النقد ضده أشبه بأكوام السباب، هذا ما أقصد.
قلت في مقالي الأسبوع الماضي إن المنتخب الكويتي سيستقل استقبال الأبطال حتى لو خسر النهائي كونه يرأب صدع أشياء كويتية كثيرة، تعلق آمالها على الفوز بكأس الشهيد، لاسيما ونحن نعلم ما لدى الطرف الكويتي من إرهاصات مرحلة رياضية وغير رياضية وبالتالي كان هذا المنتخب هو ما يجب أن يأتي بالحلول، حلول ما نقصت الكويت من كرة وأمجاد، وما يغني الشعب عن المطالبات بسداد الديون أو حلحلة البطالة أو مشاكل التعليم فالصحة وقس على ذلك، وكأي دولة خليجية ترى في الكرة ما يقنع الشعب بما ليس كرة، ولكن الحق يقال إن المنتخب الكويتي نجح في أن يلتئم، ويتقدم، وينتصر، ويوجد بدلاء، ويصنع لمستقبله منتخباً سيبقى في عداد الأفضل.
ماذا أيضا؟ مبروك! بعيداً عن كافة وجهات النظر المتطرفة أو المتعصبة لليمن أولاً، فقد كنت أكثر من ذهب إلى كون دورته مقلقة أمنياً، بل جداً، ولكن الأمور خلصت إلى خير وحصلت الكويت على كأس دورة لم تشهد سوى الحب، ومن باب النكتة كأس: (كأس الحمد لله على السلامة)، ولكن في الأخير نجحت اليمن في تجاوز كافة ما توقعنا ولم يحدث، وكسبت الكويت كأس شهيدها، وكسبنا منتخباً شبه أول ولكنه لم يكتمل بعد.
قلت أيضا في مقالي: السعودية والكويت فالإمارات، وهذا حدث، قلت إن صناعة كرة القدم هي في الأساس رؤية وتخطيط، فعلت السعودية ذلك، وفعلت الكويت، والإمارات وإن نقصت، فيما المنتخبات المتبقية غادرت بصمت، باتجاه البصرة، ولكن لماذا البصرة؟ لماذا العراق؟ لماذا نذهب لنفس المشكلة، ولنفس الاجتماعات والنفي والتأكيدات تلك التي سبقت اليمن، فيما يظل البديل البحرين، فيما قد يكتب الإعلام كافة تلك العبارات ويتلقى كافة تلك التطمينات، بل ستبذل دول الخليج ما هو نفس المال أو نفس الجهد إن لم يكن أكثر كي تستقر الدورة في العراق، يكفي أن رئيس اتحاد الكرة العراقي لا يتواجد في العراق منذ عامين وتفاصيل أخرى، ولكني أقول لماذا؟! هل لابد من كل ذلك؟ هل صناعة كرة أم صناعة استقرار بالكرة؟ أسئلة شتى، ولكني أبارك لليمن، وأتمنى للبصرة، وأهنئ الكويت، وأهنئ السعودية بمثل هذا المنتخب (الجيد والصغير) والذي كان نداً لكافة من هم أكبر سناً وخبرة في أرض الميدان، برافو بسيرو، برافو إدارة المنتخب، يجب أن يتواصل العمل بصمت، بعيداً عن أية آراء عاطفية من منطلق الحب، ولكنها تصيب في مقتل فيما لم يخسر (منتخبنا الرديف) سوى بهدف، كاسباً كأس اللعب النظيف وهذه لا تقلل منها أو تستهجنها وبالذات في مرحلة سنية وخبرات كهذه.. وإن جاءت أفراح المنتصر طاغية، فمن حقه، ولكنها تنطلق مما فقد ومما حقق منذ أعوام.. إلى اللقاء.