من (قالك) تلعب في حارتنا
عندما كنا صغارا نمارس كرة القدم بعفوية الأطفال في أزقة طيبة الطيبة كان هناك شاب ضخم يشارك مع فريق لحارة مجاورة ونخشى دائما الاحتكاك معه لضخامة جسده الممتلئ باللحوم والشحوم وكأنه (مطعم متنقل) خصوصا إذا كانت المباراة على ملعبهم وكان من ضمن مجموعتنا لاعب عبقري يتجاوزنا جميعا بالمهارة ولولا أن والديه فضلا مستقبله الدراسي لربما وصل لصفوف المنتخب الوطني ولم يجدوا حلا معه سوى تسليط الضخم عليه ليركله ويرفسه ويمارس كل أنواع الأذى الجسدي معه لإيقاف خطورته دون أن يعطى حقه حتى لو كانت الأخطاء داخل خط الثمانية عشرة وفق تسلط كبير يخرج عن إطار قانون كرة القدم حسب مفهومنا له ولها والعجيب أنهم أقنعونا بمبرر أصبح قانونا فيما بعد فحين كنا نطالب بحقوقنا وحقوق زميلنا كانوا يردون علينا بصوت واحد وبلهجة محببة إلى قلبي دائما (مين قاله يلعب في حارتنا).
و بعد كل مباراة كنا نعود ونحن نشعر بالقهر والغبن لعدم تحقق مبدأ العدالة وتساوي الفرص حتى ولو كنا فائزين بالمباراة ولا نملك فرصة للتغيير لعدم قدرتنا على مقاطعتهم أو اللعب معهم فمساحة التنقلات المسموح بها من قبل أولياء أمورنا لا يمكن أن تتجاوز الحدود الجغرافية لحارتهم.
لا أعلم حقيقة ما الرابط بين هذه القصة وما يتعرض له (قاهر العذال رادوي) فهو وصل به الحال لكسر أنفه مع سبق الإصرار والترصد في الموسم قبل الماضي ولم يعاقب ضاربه وقد تحججت اللجان بأنها لم تعد تعتمد على اللقطات التلفزيونية وفي الموسم الماضي هو أول من عوقب بالرجوع للقطات بعد أن طالب النصراويون بعقابه وكان لهم ما أرادوا – بمعنى أنه منع من أخذ حقه أولا ثم هو أول من عوقب بنظام اللقطات التلفزيونية – بل إنه في نفس الموسم ضرب على وجهه بدون كرة من (فيقاروا النصر) وكان العقاب فقط بطاقة صفراء ثم غطت اللجان فنيتها وانضباطيتها في سبات عميق.
وفي هذا الموسم تكررت الأخطاء حتى بعد تعديل اللوائح ولم يأت قرار إلا مع (قاهر العذال) وكأنه لم يضرب في ثلاث مباريات متتالية وبطريقة تثير الشبهات وحين تهور حضرت اللجان كالعادة.
وبعد كل هذا أخشى ما أخشاه أن يجبر اللاعب على ارتداء قميص يكتب عليه (مسموح بالضرب هنا) أو أنهم يتبعون قاعدة "مين قالك تلعب في دورينا".
الهاء الرابعة
إني وهبت لظالمي ظلمــي
وغفرت ذاك له على علمـي
ورأيته أسدى إلى يـــداً
فأبـان منه بجهله حلمــي
ما زال يظلمني وأرحمـــه
حتـى بكيتُ له من الظلـمِ