( وداعا أيها الظاهرة )
حين يخطئ لاعب فإن الذاكرة العامة لا تحتفظ بالخطأ حتى لو كان ثمنه فقدان الذهب وحرقة ألم وشماتة منافس سار عكس تيار مبادئ التنافس الرياضي
بل إن آثار ذلك الخطأ ستتلاشى بسرعة مع انطلاقة حدث آخر حتى لو كان عبارة عن مباراة قادمة وربما يتحول المخطئ لبطل قومي حين ينجح في تسجيل هدف
لكن الذاكرة الرياضية لا تعاني من ثقوب حين يكون صادرا من حارس مرمى لذا أصبح استمرار الحراس بنفس التوهج من مستحيلات الأعراف الرياضية إلا في حدود ضيقة وفي حالات نادرة لا يقاس عليها بل إن الدخول في عالم الحراسة ينطبق عليه القول الشائع
( الداخل مفقود والخارج مولود )
قلة هي النماذج المضيئة في حراسة المرمى وانصبت في اتجاه عالمي ولم نشاهدها في محيطنا الداخلي إلا في حالة واحدة عنوانها الأبرز والأوضح محمد بن عبد العزيز الدعيع
هذا الحارس لم يولد صغيرا فلقد بدأ عملاقا واستمر في عملقته واحد وعشرين عاما ونيفا
مع العلم أن بعض أقرانه لم يستمروا في العملقة إلا نيفا وتركوه يتبختر في الواحد والعشرين عاما دون منافس
كانت البداية في كأس العالم للناشئين في اسكتلندا عام ( 1998 ) حين أهدى الوطن اللقب الفريد وبعد أن حرم الأفارقة الخضر من التسجيل في مرماه في الدور نصف النهائي حتى من نقطة الجزاء وبأربع ترجيحيات
وفي موقعة الختام تصدى لجزائية اسكتلندية وهم متقدمون بهدفين لهدف ليكون التصدي الشرارة التي أحيت الأمل من جديد ليأتي التعادل ويتم الاحتكام للترجيح مرة أخرى ويتعملق الدعيع ويزف الوطن لمنصة الذهب أولا على العالم بأسره
من يومها وهذا العملاق يزداد مكانة في ساحات النجومية وليثبت مجددا وفي محفل عالمي آخر معني هذه المرة بالكبار بعد الانطلاقة بخمس سنوات فقط
ثم كانت النقلة النوعية في مسيرته حين انتقل من الطائي إلى الهلال في صفقة تعد الأغلى في حينها وبعد منافسة شرسة مع الغريم التقليدي
في الهلال تذوق العملاق طعم البطولات وساهم مساهمة فعالة في زيادة رصيده البطولي حتى قاده الموسم الفائت للرقم خمسين
بعدها آن للفارس المغوار أن يخلع قلنسوته ويترجل عن حصانه ويعلن الاعتزال وهجران الكرة وكتابة الفصل الأخير من مسيرة عملاق بدأ كبيرا واعتزل كبيرا في انتظار حفل توديعه الكبير
الهاء الرابعة
ثلاث يعز الصبر عند حلولها
ويذهب عنها عقل كل لبيبِ
خروج اضطرار من بلاد تحبها
وفرقة خلانٍ و فقد حبيبِ