جمهور بلاشغب
التظاهرة الكروية العالمية التي تقام هذه الأيام استطاعت جذب جميع محبي المستديرة لمتابعتها، بغض النظر عن المستوى الفني المقدم حتى الآن. ما يلفت النظر في هذه التظاهرة حتى الآن هو الروح الكروية المتسامحة والودودة التي تطغى على هذه التظاهرة أيضا حتى الآن. منذ بدء مباريات كأس العالم والجمهور الحاضر تستوقفني تصرفاته، وطريقة هتافه، وتفاعله مع المنتخبات التي يشجعها. الجمهور هو الوجود الحقيقي للولاء الذي يمكن التعبير عنه في كرة القدم بالحب دون البحث عن مقابل. فالجمهور يأتي ويشجع ويهتف للفريق ثم في نهاية المباراة ينسحب دون أن يجني شيئا ملموسا يذهب به إلى بيته سوى شعوره بأنه ساند وهتف لشيء يحبه ويشعر بالولاء له.
جمهور كأس العالم في جنوب أفريقيا إلى الآن وهو يقدم روحا راقية في تشجيع المنتخبات المشاركة، فلم تشهد جنوب أفريقيا حتى الآن أي أحداث عنف كبيرة مسجلة رسميا. هذا يمنح كأس العالم روحا مختلفة، وهي روح التنافس الودود، الذي يجعل اللاعب يلعب وهو مطمئن أن التنافس الرياضي يجعل من الإنسان إنسانا أفضل وأرقى.
الرياضة هي انعكاس طبيعي للمرونة والحرية النفسية والروحية، وهي تعد قدرة فعلية للبناء الجسدي والفكري والعقلي، والإنساني أيضا. كرة القدم هي تعبير عن التشارك، ومن الجميل أن تكون روح التشارك ممتدة بين اللاعبين وبين الجمهور وبين المتابعين عن بعد. حينما تكون الرياضة بهذه الروح يكون التأثير أكبر وأفضل.
من الأمور التي يستمتع بها الجمهور خلف الشاشات هو اللقطات التي تلتقطها الكاميرا للجمهور الحاضر في الملعب، فالجمهور في جنوب أفريقيا لا يحضر فرادى، بل نجد أن العائلة حاضرة في المدرجات لمناصرة وتشجيع المنتخب الذي يحبونه.
هذه التظاهرة التي يعيشها العالم أداة فاعلة لتحقيق قيم الوعي الكروي والرياضي عموما، وهي أداة حقيقة لجعل التشجيع الرياضي متسامحا وودودا وخاليا من الشغب وكل مظهر أو تصرف عنيف.
بقي أن نؤكد أن جنوب أفريقيا والروح المتسامحة والرائعة التي تبثها من خلال دخول لاعبي المنتخبات مع أطفال يمثلون العرقين الأبيض والأسود، هي تأكيد حقيقي أن الرياضة تذيب كل عنصرية أو فعل عنيف غير مقبول.
الهاء الرابعة
وَبِي مَمَّا يُسَاوِرُنِي كَثِيرٌ
مِنَ الشَّجَنِ المُؤَرِّقِ لاَ تَدَعْنِي
تُعَذَّبُ فِي لَهِيبِ الشَّكِّ رُوحِي
وَتَشْقَى بِالظُّنُونِ وَبِالتَّمَنِّي