أنا ونبذ الآخر
متى يستطيع أحدنا القول إنه يقبل كل الأطياف من حوله؟ هل نحن حقاً نقبل الآخر أيا كان رأيه؟
إجابة هذا السؤال حيرت الكثير من البشر، ليس بسبب صعوبة السؤال فقط، ولكن أيضا بسبب عدم قدرتهم على حصر الإجابة في أمر واحد. نحن بحاجة هنا لتعريف الآخر، هذا المصطلح الكبير والعميق في نفس الوقت، فالآخر هو المرآة الحقيقية لنا، ومن خلاله نعرف أي فعل أقدمنا عليه، وما مدى أثر هذا الفعل!
إن التجربة الإنسانية التي يعيشها الإنسان تمنحه بعداً فاعلا في تحديد وجهة نظره، التي بلا شك تنعكس على أحكامه على الآخر، باعتباره كينونة مستقلة تماما عنا، حتى لو كان أقرب الناس إلينا.
إن رغبتنا الحقيقية في قبول الآخر، هي الخطوة الأولى لفهمه، بينما يعد تفعيل الصفاء الداخلي والنية الحسنة الخطوة الثانية في طريقنا لقبول الآخر وتفهمه، والخطوة الثالثة تعتمد على التعامل بفكر مستنير تجاه الشخوص والأحداث وما يقولونه أو يفعلونه، أما الخطوة الرابعة ـ وفي ظني أنها هي التي تحدد مسار الكثير منا ـ فترتكز على وعينا بأن الآخر أيا كان موقفه فإن ذلك لا يؤثر على وجودنا أو قيمتنا أو أي بعد آخر.
في ظل هذه الخطوات الأربع يمكننا أن نجيب على السؤال المذكور في بداية المقال. فحينما تنتفي الرغبة عندنا في قبول الآخر فإننا سنمنع كل نقاط الالتقاء به أو برأيه، وحينما يكون داخلنا مظلما فإننا سنبقى في العتمة ولن نخرج إلى نور قبول الآخر، وحينما نتعامل بفكر منغلق فإننا سنشعر أن كل ما يفعله أو يقوله الآخر هو سوء محض، وحينما نشعر بالتهديد من الآخر فإننا سنغلق أبوابنا في وجهه وسيكون عدوا لنا نحاربه حتى في منامنا.
الهاء الرابعة
إنَّ الملوك إذا شابتْ عبيدهمُ
في رِقِهمْ عـتقوهمْ عِتق أبرارِ
وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً
قد شبت في الرقِ فاعتقني من النارِ