2010-03-04 | 18:00 مقالات

أنا .. والآخر

مشاركة الخبر      

أجزم يقينا أن الغالبية منا مهووس بحب الذات وكل منا ـ إلا من رحم الله ـ يحمل في داخله أنا متضخمة تختلف مقاييس تضخمها عن الآخرين وبين نسبها تأتي الحالات المرضية والأوضاع شبه العادية فإن كانت متطرفة هذه الأنا حد الغلو تظهر أعراض النرجسية والبطر والكبر في الأرض وعلى العباد وشيئا فشيئا تكون هناك حالات أقل سواء في الظهور أو المعدل
هذه الأنا مرتبطة بالإنسان في شتى مظاهر حياته اليومية فهو وفي جميع ما يتعرض له في يومه على (صح) والطرف الآخر على النقيض وتأملوا قصص خلافاتنا ومنافساتنا ومعاملاتنا وزياراتنا وسفرنا وإقامتنا وحلنا وترحالنا
وحين تستمع لخصام من طرف فإنك تجزم بأن الحق معه وأن الآخر ظالم وعندما يأتي الآخر ويحضر القصة من طرفه تتبدل قناعاتك وتتأكد بأنك كنت مخطئا وأن الظالم الأول وهكذا دواليك
في الوسط الرياضي هذه الظاهرة تشكل من نفسها ظاهرة خطيرة وإن لم أبالغ فإنني أراها أخطر الظواهر على اعتبار أن الأخريات تتشكل في مجملها من تصرفات فردية ترحل وتتلاشى مع رحيل أبطالها
وتأخذ هذه صفة الخطورة لأنها مرتبطة بالعنصر الثابت والأهم من وجهة نظري في المنظومة الرياضية
(الجماهير) فمن خلالهم تظهر ملامح الساحة بين الاحتقان والسكينة أو الخصام والسلام
وللتوضيح لاحظوا كيف يتحدث (النصراوي عن الهلالي والعكس صحيح والأهلاوي عن الاتحادي والعكس صحيح) إنهم يستخدمون لغة خارجة عن الإطار الرياضي وأنا لا أعني هنا حالات فردية مبنية على خلاف مؤقت أو مستديم بل أعني (نسق ثقافي) بني على (كره) الآخر والنظر إليه وكأنه مخلوق فضائي قادم من كوكب بعيد وإن خف النسق فكأنه عدو بيّن ظاهرة عداوته وواجب بغضه والنيل منه
وكأن الجميع قد تناسى أنه ربما يتحدث عن أبيه أو أخيه أو عمه وخاله وقريبه وصديقه وجاره وأن الفاصل في ناموس النسق المعني (جلد منفوخ تركله الأرجل)
بل إن هذا الناموس تجاوز النواميس الأخرى ـ العقيدة والوطنية وصلة القرابة وبقية الروابط الأخرى ـ
وملامح هذه الظاهرة بدأت بالتعصب وانتشرت كما تنتشر الأورام الخبيثة في الجسد السليم حتى وصلت لمسألة خطيرة جدا تعنى بوضع الطرف الآخر في موقع العداء بعد أن مورس بحقه مسلسلات من اتهامات وحملات تشويه وتضخيم للأحداث وتختلف الأساليب باختلاف مروجيها وأبطالها ونحن بأمس الحاجة لإبطالها حتى ولو بالبتر فالتوعية الجماعية أصبحت لا تقدم ولا تؤخر بدليل متجاوزي الأنظمة المرورية قبل ظهور (البوليس السري)
 
 الهاء الرابعة
 
كلٌّ له "ليلى" يرى في حبها سرّ الدُّنى وحقيقة الأشياءِ
ويرى الأماني في سعير غرامها ويرى السعادةَ في أتمِّ شقاءِ
الكونُ في إحسانها والعمرُ عند حنانها، والخلدُ يومُ لقاءِ