مكامن الخلل
تحظى كرة القدم في وطننا الحبيب باهتمام كبير سواء على المستوى الحكومي أو في مؤسسات القطاع الأهلي .. وهذا واضح من خلال الدعم الحكومي والميزانيات الباهظة التي تنفق على الرياضة ودخول القطاع الخاص بقوة في الاستثمار في نشاط كرة القدم.. فلدينا مدن رياضية وملاعب على مستوى مميز ولدينا عدد كبير من الأندية لديه منشآت جيدة.
ـ والأهم هي الجماهيرية الجارفة التي تحظى بها هذه اللعبة المثيرة من قبل الشعب السعودي.. والواقع يؤكد ذلك.. فمسابقاتنا ومبارياتنا لها متابعة إعلامية وجماهيرية كبيرة.
ـ ومع ذلك نجد أن أنديتنا ومنتخباتنا في السنوات الأخيرة لم تواكب هذه المحفزات القوية وتحقق بطولات أو إنجازات جديدة .. فنتائجها دون مستوى هذه المحفزات ودون مستوى إمكاناتنا المادية والبشرية .. فيا ترى ما السبب في ذلك؟
ـ هل هو يعود إلى سوء في التخطيط أم في الإدارة أو في ضعف محتوى برامج كرة القدم .. بداية من أسلوب الانتقاء الأولي للاعبين الجدد واكتشافهم أو بطرق بناء اللاعبين وخطوات إعدادهم وتحضيرهم وتهيئتهم أو بمنهجية التدريب أو محتوى الاحتراف أو اختيار اللاعبين لتشكيلة الفريق أو لعدم الاستقرار الفني والإداري والتدريبي ونوع المدرسة التدريبية ....الخ.
ـ أعتقد أن الخطوة السليمة في معالجة تدهور كرتنا وإحداث نقلة تطويرية حيالها.. يتطلب اللجوء إلى الطريقة العلمية التي تعتمد على تحليل البيانات والحقائق المرتبطة بهذه الظاهرة ومن ثم تحديد أسبابها ودراستها وتفسيرها بهدف يخدم اتخاذ القرار الصائب لتصحيح المسار والعمل بخطوات مقننة وتخطيط مستقبلي فيه مجال للتنبؤ بالنتائج قبل المشاركة في البطولات... خصوصا وأن كل الدول المتقدمة في مجال كرة القدم تتلهف لتحقيق الكؤوس وتعتبر الحصول على بطولة في مسابقة قارية أو دولية مظهرا حضاريا.
ـ فأبسط وأسهل الأساليب العلمية الحديثة المتبعة في تطوير كرة القدم .. هو أسلوب التحليل للقياسات البدنية واللياقة والجسمية والمهارية للاعبين والإحصائيات الكمية للمباريات ودراسة العلاقة بين متغيرات هذه العوامل... بحكم أن الأرقام هي من يكشف الواقع والحقيقة (مكامن القوة والخلل) بصدق موضوعي بعيدا عن العواطف والميول والاجتهادات الشخصية.
ـ فمثلاً لو أخذنا بعض الأرقام من الإحصائيات المسجلة إلى حد الآن في دوري جميل للمحترفين ونظرنا إليها بنظرة تحليلية (كتجربة على استخدام الأسلوب التحليلي في معرفة بعض الأمور) سنتوصل بدقة وسرعة لبعض الجوانب الإيجابية والسلبية فيها.. وبالتالي التعرف على المشاكل التي تعاني منها الكرة السعودية .. فعلى مستوى التهديف نجد أنه خلال الـ (6) جولات الماضية تم تسجيل (123) هدفا بمعدل (2.93) في المباراة الواحدة، وهذا مؤشر جيد بالنسبة لمعدل عدد الأهداف في المباراة الواحدة ... لكن الجانب السلبي هو أن عدد الأهداف التي سجلت من التسديد من خارج منطقة الجزاء هو (12) هدفا فقط!!. وهذه النسبة تعتبر ضعيفة وهي تكشف ضعف في قدرة اللاعبين في أندية هذه المسابقة على تسجيل الأهداف من مسافات بعيدة... بل أيضا تكشف واقع الكرة السعودية التي تعاني من ضعف لاعبيها في تسجيل الأهداف من التسديد من خارج منطقة الجزاء.
ـ فما أتمناه هو أن نتعامل بالأساليب العلمية في إدارتنا لدفة العمل في شتى جوانب ومجالات كرة القدم .. بداية من العمل داخل اتحاد القدم ولجانه وفي العمل في الأندية وبقية الهيئات الأخرى.