طيبتي
الزايدة
يتندر المستمع والمشاهد عندما يجيب الفنان إذا ما سأل عن أبرز عيوبه، بالإجابة المعروفة وهي: طيبتي الزايدة. وعلى هذا الأساس أصبح كل المغنين والممثلين يعانون من هذه الصفة الرائعة التي تكبدهم الخسائر المعنوية قبل المادية، بالأمس شاهدت لقاءً لمغن بريطاني، تحدث به عن أبرز عيوبه لكنه لم يقل طيبتي الزائدة، بل عدد كل عيوبه ابتداءً من “الشخير” عندما ينام، ودينجوانيته في صداقته مع النساء، وأنه لا يوفي لواحدة، بالإضافة لشربه المتكرر للكحول.. بدا أنه فنان واقعي وشدتني صراحته وبساطته، ورغم أنه ذكر بعض عيوبه إلا أنه كسب تعاطفي واحترامي لشجاعته وشعرت بأنه إنسان صادق.
ـ يروي لي أحد الشعراء عن مرافقته الطويلة لمغن عربي، وكيف أن هذا الفنان بمجرد أن يرى الجمهور أو تضيء إنارة استديو التصوير يتحول إلى شخص مختلف، شخص لا أعرفه، يصبح وديعاً وحالماً وبالكاد ينطق الكلمات وعيناه تترقرق بالدموع، وكيف أنه يدعي هذا الفنان امتلاكه مهارة النحت دون أن تبدو عليه ملامح الكذب، إنه ماهر في تقمص شخصية مزيفة يخدع بها المشاهدين، وقد نجح في صناعة هذه الشخصية في ذهن المشاهد منذ أن حقق بدايات شهرته إلى يومنا هذا.
ـ يُصدم بعض الجمهور عندما يتعرفون من قرب على بعض المشاهير من المغنين الذين صوّروا أنفسهم من كوكب آخر، فيجد أنهم عاديون مثلهم مثل أي إنسان آخر، لديهم مساوئهم التي تصيب الإنسان، ولديهم محاسنهم التي تتواجد أيضاً في الآخرين، المشاهير عاديون والذين يعيشون منهم حياتهم بطبيعتهم يشعرون بالراحة أكثر، كونهم لا يحملون فوق أكتافهم شخصية أخرى لا تشبههم ولا يتحملون عناء التمثيل.
ـ في إحدى المرات استضفت مغنياً عربياً في الاستديو، رحبت به عندما وصل إلى الإذاعة، كان شخصاً عادياً وما إن بدأ البرنامج حتى تحول الضيف من شخص عادي إلى شخص مختلف، شخص يحاول أن يظهر أمام الميكرفون على أنه رومانسي يعاني من حمل مشاعره المرهفة ومن طيبته الزائدة، كان يطلب مني في أثناء الفاصل الإعلاني أن أسأله أسئلة مثل: لماذا تحب الصمت دائماً.. لماذا لم تتزوج إلى الآن؟ هل تبحث عن فتاة تشبه أحلامك؟ إلى أي درجة أثرت فيك الطيبة.. وهل من الممكن أن تتنازل عنها؟ حاولت أن أتهرب من مشاركته ذلك الفيلم قدر المستطاع إلى أن أنتهى وقت البرنامج، كان آخر لقاء معه منذ 18 عاماً ولم أطلب استضافته مرة أخرى منذ ذلك اللقاء.