لماذا رابح
لا يخسر؟!
“كل شخص له من اسمه نصيب”.. مقولة تذكر عندما يتطابق الاسم مع الصفة..
رابح صقر.. حقق ذلك في الاسمين.. هو لم يعرف الخسارة.. وعندما يعتلي خشبة المسرح فيفرد جناحيه ويسيطر.. صقر ينقض على عشاقه بالإبداع ويحلق بهم في سماء الطرب..
عندما يشدو بالأغاني الحزينة تعتقد بأنه لم يضحك أبدًا في حياته، يأسرك بحركاته وتفاعله..
في أغنية “صدقيني عجزت أنساك” وصل إلى حد البكاء في إحدى حفلاته عندما غناها.. الحضور سكنهم الهدوء.. كنت أتابعها على التلفاز عشت معه اللحظة وكادت دموعي تتساقط، التقطتها وذهبت لشرب الماء وعندما عدت وجدت ضحكة رابح تملأ المسرح.. البهجة عمت كل أركانه.. الجمهور يدخل في موجة فرح.. أطلق أغنية “هو هذا”.. من يشاهده حينها يقول إن هذا الفنان لا يعرف الحزن مطلقًا..
رابح تربطه علاقة بجمهوره أكثر من الطرب.. يأسرهم ويصل إليهم بسرعة.. لا يحتاج إلى وسيط.. فقط يظهر على المسرح فتبدأ لغة التفاهم بينهما..
حفلاته مختلفة عن البقية.. لم ينل لقب سيد المسرح من فراغ أو صديق منحه إياه.. الجمهور عندما يعلن حفلة هو أحد نجومها فعلى الفور كلمة SOLD OUT تكون قريبة.. وسرعتها تقارب البرق..
ليس من السهل أن تسرد تاريخ هذا الفنان المتجدد في مقال واحد.. فمسيرة الـ39 عامًا سطّرها التاريخ.. ووسعت الجغرافيا.. واحتضنها الخيال.. وأطربت الأجيال.. ليس له شبيه أو يشابهه أحد.. سلك طريقًا خاصًّا به ملأه بالعطاء والتفرد.. خرج في زمن يصعب مزاحمة عمالقة الفن يومها فيه.. طلال مداح ومحمد عبده في أوج توهجهما.. عبادي الجوهر يزاحمهما.. راشد وعبد المجيد يقتسمان الكعكة.. رابح وحيدًا يطلق “نسيم الليل” في أوائل الثمانينيات.. طموحه القمة.. وبلغها..
الإيقاف لا يحتاج إلى تفسير فمن يتعرض لتلك العقوبة على الفور يداهمه الإحباط وحركته تثقل.. ولكن مع رابح حوله إلى توهّج.. سنوات أبعد فيها عن الساحة الفنية لأسباب لم تكن واضحة، لكنه لم يتوقف فاكتشف جانبًا مهمًّا فيه.. الحفلات الخاصة التي قدمها تخطت مبيعات الألبومات في منتصف التسعينيات لكبار الفنانين..
السؤال الأهم: لماذا رابح.. رابح دائمًا؟.. الإجابة لا تبدو شائكة.. ركز على تطوير موهبته، لم يدخل في صراعات مع فنانين أو فنانات أو نقاد أو غيرهم، يقابل الجميع بابتسامة، وفرض احترامه على كل شخص يقابله..
التقيته قبل 20 عامًا في حفلة خاصة في الرياض ودار بيننا حديث وقتها، وكنت في سن المراهقة.. وقبل أكثر من عام جمعني لقاء معه، هو الشخص نفسه لم يتغير.. يستحق أن يحتفى به في ليلة الصقر..
رابح صقر كلمة فنان لا توفيه حقه.. هو مدرسة مناهجها الإبداع والتألق والتجدد..