ماجد وسامي.. «لسانك مفطحك»
في أواخر التسعينيات الميلادية، اتصل بي صديق عزيز، وطلب “واسطتي” للإصلاح بينه وبين أحد الأصدقاء في الاستراحة، كونه أخطأ في حقه إثر نقاش، احتدم بينهما، ومن حُسن حظي أني لم أكن موجودًا يومها.
لم أمانع في الدخول من أجل إذابة جليد الخلاف حتى لا تكبر كرة الثلج بالأحقاد.. لكنني قبل ذلك، سألت صديقي العاشق لنادي الهلال: ما السبب الذي جعل الخلاف بينكما يصل إلى حد الخصام؟ فأجاب: بسبب نقاش حول مَن الأفضل ماجد عبد الله، أم سامي الجابر. فقلت: لا جديد يُذكر ففي كل يوم يكون هذا محور نقاشكما، فلماذا تخطيتما ذلك؟ فأجاب: عندما احتدم النقاش شتمته، فغضب وغادر الاستراحة، ولم يُجب على اتصالاتي. فتدخَّلت، وطلبت من صديقي أن يقيم وليمة “مفطح” من أجل الصلح.
الاستراحات كانت المتنفس لنا في تلك الفترة، والترفيه الأول لجيلنا لدرجة أنك كنت تجد الواحد منَّا لديه أكثر من استراحة يشترك فيها من أجل التغيير.. كأنك تقول في الوقت الراهن: “مرة يذهب إلى البوليفارد، وأخرى إلى ونتر وندر لاند، وثالثة إلى الحفلات الغنائية”.. ألم أقل لكم إنهم جيل مرفَّه حتى في الترفيه..
الأجواء داخل الاستراحة لا يتسع المجال لذكرها، أو من الأفضل عدم ذكرها.. لكنني سأتطرق إلى نقطة مهمة، وهي النقاشات “العقيمة” رياضيًّا، والمقارنات التي تعد أبرز فعالية في الاستراحات.. أصوات مرتفعة.. “كروش” ممدَّدة.. كل طرف يسعى إلى إثبات وجهة نظره.. الصامتون في الجلسة ممن ليس لهم علاقة بماجد وسامي يغادرون هادئين بعد أن يجمعوا أغراض “الشيشة”، ويُلقوا تحية المغادرة، ولا أحد يشعر بهم..
لا أعرف ما الفائدة التي كنَّا نجنيها في ذلك الوقت بإشعال المقارنات بين ماجد عبد الله، وسامي الجابر.. شتام وخصام.. وكل يومين أو ثلاثة أيام العشاء “مفطح” لإقامة “الحقوق” على شخص ما أخطأ في حق آخر وسط نقاش غير مفيد.. كانت المقارنات من أسباب السُّمنة في ذلك الزمن.. “لسانك حصانك”.. ولكن تبدَّلت وأصبحت “لسانك مفطحك”..
عندما أستذكر تلك الأيام، أحتقرها، وأتساءل: لماذا كنَّا ندخل في دوامة المقارنات؟ وهل كانت فعلًا وسيلة لترفيهنا؟..
كنت عاشقًا لأحد النجمين الكبيرين في ذلك الزمن، وأدافع عنه بضراوة، وأحاول أن أثبت بأن وجهة نظري صحيحة، لكنَّ المنطق كان غائبًا عني وعن الكثير من روَّاد وعشاق المقارنات الماجدية والجابرية..
كم أتمنى من الجيل الحالي ألَّا يقتدي بما كنَّا عليه سابقًا في المقارنات.. ماجد وسامي نجمان كبيران، خدما أنديتهما والمنتخب السعودي، ورفعا راية الوطن عاليًا في المحافل.. وكلٌّ منهما لديه إمكانات وموهبة خاصة.. فشكرًا لهما على كل ما قدَّماه.. التاريخ يحفظ نجاحهما، ولا يلتفت إلى الإسقاطات والمقارنات.