شاعر وقصّاد!
- نعم، يمكن تعليم أحدهم كتابة “قصيدة”!. أما كتابة “شعر” فهذا ما لا يمكن تعليمه!.
- القصيدة “قصد”، ولا أحد يتحرّك بقصد إلا وهو عارف إلى أين يذهب وماذا يريد وكيف يستخدم أدوات الوصول لمقصده!.
- من يقصد أمرًا، يكون قد حدد الهدف، ورأى المُبتغى، وقاس المسافة والظرف والأداة، وتحرّك من البدء إلى نهاية يعرفها ويريدها!.
- القاصد لا يخفى عليه شيء، فالمقصود موجود قبل الحركة، المقصود قديم وماضٍ!. الجديد هو الوصول إليه فقط!.
- أمّا الشِّعر فهو مشتقّ من “الشعور”، والشعور محاولة للإمساك بآتٍ!، للقفز من الحاضر بهدف التقاط شيء من المستقبل، قفز من شهادة إلى غيب!.
- هنا لا يمكن للأدوات ولا المعارف السابقة المساعدة في شيء. في هذه الحالة أنتَ لا تعرف مبتغاك حقًّا إلا حين تصله!.
- القصيدة قصد، والقصد معلوم. الشعر شعور، والشعور مجهول!. وهو حين لا يعود مجهولًا، يصير معنى وليس شعورًا!.
- القصيدة قصد، والقصد مُسْتَدَلٌّ عليه!. الشعر شعور، والشعور مُسْتَدَلٌّ به!.
- القصيدة قصد، والقصد عقل، والعقل عدل واستقامة!. الشعر شعور، والشعور قلب، والقلب تقلّب!. الشعور عاطفة، والعاطفة ميل وانعطاف!.
- وحين نقول “قصيدة شعر” فإننا نعني بـ”قصيدة” أشياء مثل: البناء، الوزن، القافية، الموضوع العام، المعنى الخارجي، الهدف والغاية من القول!. وهذه أمور، يمكن تدريسها، لأن حساباتها سابقة عليها!.
- لكننا نعني بـ”شِعْر” كل ما هو خفيّ، مُقبِل، متفلِّت من المعنى وسابق الكلمات بخطوة أو خطوتين!. نعني العميق الخاص الاستثنائي، الفريد والمتجدّد، غاية نفسه!. وهذا ما لا يمكن تدريسه، لأنّ حساباته لاحقة به!.
- لا يمكن تدريس إلا ما “دَرَس”!، أي ما قَدُم وصار أَثَرًا من الآثار!.