يدا بيد..
من دون لمس
في إحدى زياراتي إلى القاهرة، وجدت اللجوء إلى النيل بركوب أحد المراكب وسيلة للهروب من صخب السيارات.. تجربة جميلة لا تنسى.. منظر قاهرة المعز وأنت على سطح النهر العريق لا يملّ..
حالة من الهدوء عشتها ولكن فجأة إذا بـ”قبطان” المركب يتحول إلى “قرصان” ويعكر صفو السكون الذي أعيشه.. يده تأتي على مكبر الصوت ليسمعني أغنية لسعد الصغير لا تقل صخبًا على الموجود في اليابسة.. على الفور طلبت منه أن يغلقها.. فنفذ مشكورًا.
استمرت الجولة “النهرية”.. فإذا بمركب تواجهنا وعندما همّ بالمرور بجانبنا وعلى بعد أكثر من 20 مترًا، لوحت بيدي لركابها وهو البروتوكول المعروف بين ركاب السفن.. وفجأة قائدها يصرخ بقوة ويقول: “تفضل يا باشا”..
هذه الجملة استوقفتني فلم أعرف أرد عليه.. هل كان يشاهدني من بعيد بأني سمكة أو كائن بحري لأتمكن من تلبية دعوته ونحن في عرض النهر..
سألت قائد المركبة عن قصد زميله فأجابني: “هذي عزومة مراكبيه”.. فسرها بقوله: “المقصد منها ليس إلحاحًا بالفعل ولكن تقال ولا تنفذ”..
الكثير من الدعوات توجه لنا فقط من أجل إنهاء الحوار.. عندما يقول شخص ما: “تفضل اشرب فنجان قهوة وكل منكم في سيارته، وقتها لا بد أن تعلم أنها “تصريفة” وليست “عزيمة”.. المواقف عدة في هذا الاتجاه..
ما دعا إلى ما سبق هو مشاهدتي إعلانًا جميلاً من وزارة الصحة لمجابهة كورونا، التي طلبت من الجميع البقاء في منازلهم لمدة 14 يومًا كإجراء احترازي من أجل انحسار الوباء ومغادرته أرض الوطن.. زميل بجاني يقول يجب أن نكون “يدًا بيد” لنكون أقوياء ونتخطى هذه المرحلة..
هنا زميلي لا يعني فعليًّا أن نكون يدًا بيد بالتلامس، ولكن كلمة تقال لإظهار الشجاعة والعزيمة في مواجهة هذا الفيروس.. تذكرت على الفور دعوة قائد المركب في القاهرة..
نعم يجب أن نكون يدًا بيد “دون لمس”، ونبتعد عن التجمعات ونبقى في منازلنا من دون أن نصافح بعضنا بالأيادي..
أحسنت وزارة الصحة في دعوتها لنا بطرق رائعة من خلال كافة الوسائل الإعلامية التقليدية والجديدة لاتخاذ إجراءات احترازية لعدم خروج هذا المرض من دائرة الانحسار..
علينا أن نتعاون جميعًا مع مطالب الوزارة والجهات ذات العلاقة وننفذ المطلوب منا.. الكرة الآن في ملعب المواطن والمواطنة.. علينا أن نلتزم ونكون أكثر جدية في مواجهة هذا الوباء، بالمكوث في المنازل والابتعاد عن التجمعات أو الخروج دون الحاجة الملحّة.. جزى الله خيرًا كل من يعمل على مدار الساعة من أجل إبعادنا عن هذا الوباء..