2020-03-18 | 21:01 مقالات

توكل على الله واطلع

مشاركة الخبر      

في اتصال هاتفي وردني من صديق، ملخصه يطلب منيّ الذهاب معه إلى الاستراحة، حيث هناك وليمة للأصدقاء فاعتذرت بشدة، سألني السبب فقلت إنني ملتزم بالبقاء في المنزل في ظل ظروف وباء كورونا وللإسهام في انحسار المرض وعدم مد يد العون للفيروس لأجعله يتمدد في بلادنا..
رد عليّ متهكمًا: “أنت خواف، توكل على الله واطلع ما راح يجيك إلا المكتوب”.. حاول إقناعي بترديد جملة “توكل على الله”، وكنت محتارًا بين تلبية دعوته بالتوكل وبين المكوث في المنزل وتنفيذ مطالب وزارة الصحة..
في الوقت الذي طلبت من الأهل تجهيز الثوب والشماغ استعدادًا للخروج مع صديقي بعد أن اقنعني نسبيًا، سألته عن الإجراءات الاحترازية التي يتخذها، بأنه هل لديه معقم وكمامة وصابون وغيرها فأجابني ببرود: “ما معي شيء، فقط التوكل”..
هنا طلبت منه الانتظار لحظة على الجوال، فوقتها استأذنت من الأهل إعادة الثوب إلى مكانه، وقلت له إنني لن أخرج خوفًا من التعرض للفيروس ولا أريد أن أعرض عائلتي للخطر، وناشدته بألا يفعل ذلك فقال جملته الشهيرة: “أنا متوكل وطالع”.. قلت له: “ألا تخشى على أهلك ووالديك وأبنائك، ما هو ذنبهم لتعرضهم للخطر عندما تصاب بالفيروس لا قدر الله”..
قبل أن يرد بجملته ألجمته بقوله سبحانه وتعالى: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”..
نعم كورونا يقود إلى التهلكة.. لغة الأرقام لا تكذب.. دول هنا وهناك تعلن أرقامًا مخيفة عن عدد المصابين والوفيات، ونحن لسنا بمعزل عن العالم..
صديقي ذكرني بقصة أحد المفحطين في التسعينيات الميلادية عندما سألناه عن ماذا يفعل قبل أن يفحط ويعرض نفسه والمارة ويرتكب المخالفة، فأجاب: “أتوكل على الله وأبدأ في التفحيط”.. باتت تلك الجملة تردد حتى قبل ارتكاب المعاصي.. طبعا هذا المفحط لقى جزاءه على ما فعله وهو متوكل.. يقول سبحانه: “وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا”..
قلت لصديقي قبل إنهاء الاتصال، في حديقة الملز في الرياض أسد جائع له أكثر من يوم لم يأكل، وينظر لك من بعيد على أنك شطيرة نقانق وأريد منك أن تتوكل وتدخل عليه في القفص، أجابني: “أنت صاحي تبيه يأكلني” فقلت له أنت متوكل.. فصمت ولم يرد.. وندم على دعوتي..
التوكل على الله سبحانه يجب أن يكون بالأخذ بالأسباب، ولا يكون بالتوكل السلبي أو التواكل.. فالواجب علينا، دعاءه سبحانه وتعالى أن يزيل الغمة وهو قادر على كل شيء.. والالتزام بما يُطلب منا من قبل الجهات المختصة لتنفيذ الإجراءات الاحترازية لتفادي هذا الوباء.