قاطعوا شمعدان
أم هارون وكيباه النمر
في جلسة مع الأصدقاء خلال شهر أغسطس، صديق يتصل ليسمعنا المقولة الشهيرة: “وش تبون أجيب معي”.. على الفور طلبت منه موكا فرابتشينو “مشروب بارد” من ستاربوكس، فأجواء الرياض وقتها لا ينقصها مزيد من الحرارة.. أحدهم التفت عليّ وقال: “أنت تدري أن الكافي اللي تطلب منه راعيه يهودي، وأنت الحين تدعمه بقيمة مشروبك”.. أجبته بأني أتمنى الوصول إليه لأشكره على المشروب الجميل.
بعضهم لديه مشكلة في التعاطي مع الديانات الأخرى، حقيقة لا ننكرها، ففي فترة الثمانينيات والتسعينيات الأصوات المطالبة بكره اليهود والنصارى.. ارتفعت.. غزوا المدارس والمجالس، زرعوا فينا البغض، حذرونا من مصافحتهم، ليس بسبب فيروس كورونا الذي لم يظهر يومها ولكن كونهم أعداء كما صوروهم لنا، هم لم يرتكبوا خطأ، فقط مختلفون في الديانة..
المتشددون في ذلك الزمان بلغ بهم الأمر بأن ينهونا من السفر إلى أوروبا وقالوا بأنها ديار اليهود والنصارى، ولكن مع مرور الأعوام نجدهم يعلمون أبناءهم طريقة التزلج على جبال الألب.. وللأسف بأنهم يقرؤون سيرة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلاقته المميزة مع من اختلفوا معه في الدين.
على النقيض أيضًا هناك متطرفون في الديانات الأخرى يمارسون الضغوط ذاتها وتكون العلاقات بحسب الديانة.
في عام 2012 كان للسعودية دور محوري في الحد من هذه الظاهرة، من خلال تأسيس مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ويهدف لدفع مسيرة الحوار والتفاهم بين أتباع الأديان والعمل على تعزيز ثقافة احترام التنوع.
اختفت لسنوات طويلة الأصوات النشاز المحملة بالكراهية، ولكن ما إن أعلنت قناة إم بي سي عن مسلسل يتحدث عن اليهود وتعايشهم مع المجتمع الخليجي في الخمسينيات حتى ظهروا ولكن هذه المرة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، فكل شيء يتطور إلا فكرهم المتحجر..
قبل أن تشعل الممثلة حياة الفهد “أم هارون” الشمعات السبع في الشمعدان، أو يضع عبد المحسن النمر “داود” الكيباه على رأسه، على صوت الانتقادات وقالوا بأن المسلسل يهدف إلى التطبيع وإنه جريمة تاريخية، وعدوان ثقافي وغسيل أفكار، وطالبوا بمقاطعة المسلسل في المهد..
لا تزال لدى بعضهم منا حساسية من نفض الغبار عن أبواب صنفت من “المحرمات” ولا يجوز تناولها في الشاشة على أنه ليس هناك نص نظامي على ذلك، مناقشة اليهود في الخليج إحداها، هل نكسر المرآة كونها عكست وجهًا بغض النظر إن كان قبيحًا أو جميلاً..
المسلسل تابعته.. رائع في الإخراج والإنتاج والحبكة الدرامية والتاريخية والأداء، مثل هذا النوع من الأعمال نفخر به فهو يثقف جيلاً يحبذ المشاهدة أكثر من القراءة..