2020-05-25 | 22:26 مقالات

الجنرال «كوفيد».. وشوكة خامس «العيد»

مشاركة الخبر      

لم يخطئ الكاتب المتسلح بلغتي الأدب والفكر غسان شربل رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط عندما سمى فيروس كورونا بالجنرال، الذي هزم العالم وفعل ما لم يفعله «فطاحلة» التاريخ الذين حاولوا أن يركلوا الكرة الأرضية، ولكنها تماسكت في وجه محاولات تسديدات كبار الساسة رجال الاقتصاد والمكرة، وحتى غزارة كلمات الشعراء ومهندسي الحرف لم يجعلوا الكرة تميل إليهم..
شربل الذي رأس صحيفة الحياة ثمانية أعوام، كانت فترة عملي في الصحيفة الدولية التي أعادتني إلى الصفوف الأوليّة رغم أني وقتها كنت متمرسًا في المهنة، فأدخلتني المدرسة التي أغلقت أبوابها بسلاسل محكمة من ذهب عيار 71 عامًا، ذيّل مقاله بـ”: “التهمت الأرض نعوشاً كثيرة ولم تنحسر شراهتها. نحن إلى العالم الذي قتله الزائر الغامض. لم يغير أحد العالم على غرار ما فعل. الجنرال «كوفيد - 19» قائد الانقلاب الكبير. سننحني لإرادته السوداء بانتظار مختبر يطعنه بلقاح”.
لم يرو عطشي قراءة المقال مرة واحدة.. عدت للتنزه بين سطوره.. ورغم التزامي بالإجراءات الاحترازية المشددة للتغلب على الفيروس المتمرس، إلا أني شعرت بأني أتنزه في بستان مليء بالورود، روائحه تصل جوالي، والفراشات ترفرف حولي، ورمى بي الخيال بأن أمد يدي لقطف وردة، فإذا بشوكة تنغرس في إبهام أصبعي.. فلقد كان اتصال من صديق قطع القراءة عبر الهاتف الجوال.. وقال قبل السلام: “متى يجي خامس العيد”.. توقعت بأنه موعد خطوبته أو انتظار مبلغ مادي يصل إلى حسابه أو عيدية متأخرة بسبب تطبيقات التوصيل.. فسألته عن سبب حماسه لهذا اليوم بالتحديد، فأجاب: “وقتها يخلص الحظر الكلي، ونقدر نطلع”..
هذا الشخص ومن يطابقه النهج الباحثون فقط عن المتعة وغير المبالين بالجائحة التي هزّت الكرة الأرضية، يقف الفيروس برتبة جنرال عاجز أمامهم.. فكل استراتيجياته في العدوى، وخطط التنقل، لم تخيفهم..
قد تنجب المختبرات يومًا لقاح “كورونا”، ولكن لن تفكر في البحث عن لقاح لمن “ضيّعونا” بحماقتهم وإهمالهم وعدم اتباعهم الإرشادات الصحية.. نحن نعيش في أزمة ليس لها مثيل، ولسنا أمام خيارات كثيرة، والكرة الأرضية توقفت، وتقطعت إلى أوصال، بل شويت على الجهتين، ورغم ذلك كله يخرج من لا يفكر إلا في التنزه والسفر والخروج من المنزل.. الفيروس، ليس فيلمًا حزينًا نستمتع بمشاهده ومشاهدته، وفي أي وقت نغلق الشاشة أو نخرج من صالة السينما، بل واقع نعيشه وعلينا أن نعايشه لحين تخطيه، وسنتخطاه بإذن الله باتباع الإرشادات الاحترازية..