2020-10-23 | 22:30 مقالات

الحكيم العقاري

مشاركة الخبر      

هل من الضروري أن يتصف التاجر ببعض الصبر لكي لا يتراجع عن تحقيق أرباحه، إذا ما كانت حالة المشتري ضعيفة وبائسة؟ وهل من مواصفاته الصمت إذا ما أراد المشتري المقتدر شراء سلعة غالية لا يحتاج إلى كل مواصفاتها، في الوقت الذي توجد فيه سلعة شبيهة بمواصفات وثمن أقل؟
بعد تقاعد والد زميلي من العمل، عرض عليه صديق ابنه أن يعمل معه في مكتبه العقاري، أراد أن يضرب عدة عصافير بحجر واحد، أن يقدم خدمة لصديقه، وخدمة أخرى لوالد صديقه لكي يستفيد من وقته الطويل، وأن يكسب مساعداً له يضيف كبر سنه بعض الوقار في المكتب ومستفيداً من خبرته في تقريب وجهات النظر، كان صديق زميلي معجباً بوالد زميلي، وأظن أن إعجابه جاء بعد اللقاءات التي اجتمع بها معه أثناء زيارته لبيت صديقه، فشاهد رجلاً شديد الاحترام لضيوفه وأسلوبه ممتع في الحكايا التي تحمل رسائل الحكمة، أو تلك التي تنتهي بالضحكات، وهكذا بدأت مرحلة جديدة في تاريخ المكتب العقاري، ستصبح لاحقاً ذكرى مازال النقاش إلى اليوم يدور حولها، نقاش وإن كان ودياً ينتهي بالضحك عادةً، إلا أنه قسم الأصحاب إلى فريقين، قسم يؤيد والد الزميل على تصرفاته وآخر يقول بأن أداءه كان كارثياً، لأن والد زميلي ورغم عمله لثلاثة أشهر إلا أنه لم ينجح في إتمام صفقة بيع واحدة، بل إنه أفسد عمليات البيع التي توصل إليها صديق ابنه، لأنه كان لا يتردد في توجيه العديد من الأسئلة للمشتري يتعرف خلالها على ظروفه المادية، وعدد أطفاله، ثم ينصحه بعدم الشراء لأنه سيضع نفسه أمام ضغوط مالية مضرة، أما الضربة القاضية التي أخرجت والد زميلي من سوق العمل العقاري فكانت كالآتي: دخل زوج وزوجته المكتب لإتمام صفقة شراء فيلا، فتدخل والد الزميل موجهاً سؤاله إليهما: كم عدد أطفالكما؟ أجابه الزوج بأنه طفل واحد، تساءل والد الزميل: ولماذا تريدون شراء هذا البيت الكبير ذي الغرف الخمسة؟ ثم نظر إلى الزوجة وقال: يا ابنتي لماذا تضعين حملاً ثقيلاً على زوجك وأنتما في بداية حياتكما؟ اذهبا وابحثا عن شقة من غرفتين واستمتعا بحياتكما من دون ضغوطات مادية، ثم عاتب الزوجة: إن الزوجة الفاضلة من تخفف طلباتها على زوجها.. لا عليك من فلانة ماذا اشترت وعلانة أين سافرت.. غضبت الزوجة وخرجت ولحقها زوجها، بينما كان والد الزميل يوجه كلماته إليه: لا عليك منها.. كن قوياً!؟