الدافع
أولا
حتى الكسل يحتاج إلى دافع يدفعك لكي تكون كسولًا، لكنه حتمًا سيكون دافعًا سيئًا يفضي إلى التأخر وربما الفشل، أما الدوافع التي تفيد الإنسان فأعتقد بأنها تحتاج إلى شروط يجب أن تتوفر لكي تكون دوافع حقيقية.
الحاجة أظنها هي أول وأهم الدوافع، ولا أقصد هنا المال فقط، المال شيء من أشياء، منها الحاجة لتغيير واقع شخصي، الحاجة للتعلم، أو الحاجة للرياضة للابتعاد أو التخلص من الأمراض، أو لتغيير انطباعات شخصية من أجل أن توافق أسرة الفتاة التي تريد أن تتقدم لخطبتها. معظم التغيير نحو الأفضل الذي يصنعه الإنسان لنفسه أو حتى لغيره خلفه حاجة، والحاجة مختلفة عن الرغبة، فالرغبة غير ملحّة، قد يستطيع أن يتخلى عنها الإنسان، أن ينساها، أما الحاجة فتأتي كضرورة، وتتواجد من أجل تغييرات مصيرية وحاسمة. لو نظرنا لمعظم الاكتشافات المهمة في عالمنا مثل الكهرباء والقطار والسيارة والطرق، جميعها احتاج إليها الإنسان من أجل واقع أفضل، لذلك عمل على اكتشافها ومن ثم تحسينها. أنا لم أحقق بعض رغباتي، لأنها لم تكن ضرورية، نسيت بعضها وتذكرتها ثم نسيتها، أمّا ما كان عليّ أن أفعله من أجل تغيير واقع إلى واقع أفضل، فقد عملت عليه دون حسابات للتعب أو الراحة، أو للتردد والخوف، لقد كنت في حاجة كانت دافعًا لتحقيقي أشياء أساسية، لا أضرب مثلًا على نفسي لكي أقدمها كمثال ناجح، بل كقراءة عن الدوافع لما حققته وما فشلت في تحقيقه وما تخليت عنه على صعيد شخصي.
في الهند كانت هناك قرية تقع خلف الجبال، ولا تبعد كثيرًا عن المدينة، لكن وصول سكان القرية للمدينة يتطلب عدة ساعات سيرًا على الأقدام، لأنهم يضطرون للالتفاف حول الجبال، وكان طريقهم هذا شاقًا وضياعًا للوقت، بعد أن فقد أحد سكان القرية زوجته الحامل لأنه لم يستطع إيصالها إلى المستشفى بصورة سريعة، قرر الانتقام من جغرافية قريته وتبديلها إلى الأبد، قرر فتح طريق بين الجبال، يختصر المسافة والوقت إلى نصف ساعة بدلًا من 4 ساعات، كان قرارًا مجنونًا بالنسبة لسكان القرية الذين طرحوا السؤال التالي: كيف ستفتح طريقًا بين الجبال وأنت لا تملك سوى مطرقة؟ لكن دافعه لكي لا تتكرر مأساته مع أبناء قريته جعله يستمر في العمل وحيدًا طوال 25 عامًا، وعندما رأى سكان القرية أنه اقترب من فتح الطريق المختصر آمنوا بما كان يفعل، فحملوا أدواتهم وقاموا بمساعدته وفتحوا الطريق المختصر. قصة الدافع فيها هو أهم أبطالها.