2021-01-23 | 22:59 مقالات

شعار العالم

مشاركة الخبر      

عام تقريباً على بدء كورونا، تغير فيه العالم كما لم تغيره السنة الأولى من الحرب العالمية الثانية، فالحرب في سنتها الأولى أثرت على أجزاء من العالم، أما كورونا فقد غير ومنذ الأشهر الأولى العالم كله، ووصل تغييره إلى عادات الناس وسلوكياتهم، ونفسياتهم أيضاً.
الجانب الجيد في الإنسان أنه يعتاد وإن كان رغماً عنه، فلم تعد مشاعره الآن تشبه مشاعره عندما ارتدى الكمامة للمرة الأولى، فقد صار يرتديها حتى وهو يقود سيارته وحيداً، ويبقيها دقائق قبل أن ينزعها وهو في بيته، بل ينسى أحياناً أنه يضع قطعة قماش على وجهه، صارت الكمامة أمراً معتاداً، مثلها مثل القميص الداخلي، أتذكر عندما ارتديتها للمرة الأولى، كنت أشعر بالحزن وبشيء من الغرابة، لأنني صرت وبسرعة كبيرة شاهداً على جائحة قد تتسبب في تغيير العالم إلى الأبد. الآن صارت الكمامة شعار المرحلة، حتى إن العلماء يقولون إن الأرض ستحتاج إلى مئات السنين لكي تتخلص من آثار الكمامات التي ألقيت عليها كما لم تلق أي نفاية أخرى.
بالأمس كنت أسأل أحد الأصدقاء العرب عن ظروف بلاده بعدما أصابها ما أصابها جراء ما يسمي بالربيع العربي.. بعدما وصف الأوضاع الإنسانية القاسية والاقتصادية المنهكة، قال بإنهم في بلدهم مثل الذي يوضع وحيداً في زنزانة ضيقة، وبعد أيام يتم إدخال معزة صغيرة، ثم بعد أيام يتم إدخال خروف كبير، ثم خروف آخر، حتى تضيق الزنزانة لدرجة لا يستطيع فيها أن يمد قدمه، ثم إذا ما أخرج الخروف الكبير شعر بوجود بعض المساحة واعتبرها مكسبًا كبيرًا، ثم إذا ما أخرج الخروف الثاني وبقي مع المعزة الصغيرة شعر بأن المساحة صارت واسعة، أما إذا أخرجت المعزة الصغيرة أيضاً، صار ينظر إلى الزنزانة على أنها واسعة ومريحة مع أنها كانت صغيرة وضيقة عندما دخلها للمرة الأولى.. كان وصفه هذا عن فرحة الناس عندما يحصلون على القليل من الأمن والاستقرار.
كورونا حصر الإنسان وصادر مكتسباته، وكل انفراجة وإن كانت صغيرة تعتبر مكسباً ومساحة إضافية، ولا أحد على ما أظن يعلم متى يحين وقت الخروج من زنزانته.