2021-01-24 | 22:34 مقالات

لاري كينج

مشاركة الخبر      

رحل لاري كينج، أشهر من قدم البرامج الحوارية، رحل دون أن يجرح مشاعر ضيف من ضيوفه، ولم يقاطع كلامهم من أجل استعراض معلومة، ولا لكي يقال عنه إنه تفوق على من حاوره، لأنه من النادرين الذين أدركوا بأنهم ليسوا في نزال فيه خاسر ومنتصر، هكذا كسب احترام المشاهدين، والضيوف أيضًا، إلى أن صار الظهور في برنامج لاري دليلًا على شهرة الضيف وأهميته، وأصبح الجلوس على كرسي برنامجه أمنية لكل النجوم الجدد.
في يومه الإذاعي الأول قال للمستمعين إنه مرتبك، لكنه قدم برنامجه وكأنه الصديق الذي يجلس بجانب المستمع في المقعد الذي على يمينه، في الوقت الذي كان فيه المذيعون يقدمون برامجهم وكأنهم يقدمون البيانات الرسمية، أو يلقون بالبيان رقم واحد في انقلاب من انقلابات الدول العربية.
رحيل لاري مناسبة لمعرفة خريطة الطريق السليمة لمقدمي البرامج الذين يعتقدون أن “حكر” الضيف شطارة، وإخراجه عن طوره تفوق، وأن الإثارة ستحقق لهم الانتشار، متناسين أنهم سيحصلون على حلقة لا قيمة لها، فلا الضيف سُمح له بأن يكون في حالة يستطيع قول ما لديه، ولا مقدم البرنامج استطاع أن يظهر أفضل ما عند ضيفه لأن هذا هو دوره الرئيس.
تاريخ لاري كينج موجود ويستطيع كل مقدم برامج أو صحافي الاطلاع عليه، سيجد أن أهم ما لدى لاري هو أخلاقه العالية أولًا، وأن هذه الأخلاق تسبق الإعداد والتحضير للبرنامج، وسيجد أن برامجه مناسبة للاطلاع عليها في كل وقت، لأنها مبنية على طراز إعلامي رفيع، كما سيجد أن لاري لا يتحدث كثيرًا باستثناء الوقت الذي يلقي فيه سؤاله على ضيفه.
قبل سنتين قدمت برنامج “مسيّان” على شاشة أس بي سي، كان البرنامج بلا إثارة لكنه الأكثر قيمة بالنسبة لي، ومع أنني استضفت العديد من الأسماء غير الشهيرة لكنني تعرفت على تجاربهم الملهمة، كان الأقل جهدًا نفسيًا علي، لأن كل ما كنت أحرص عليه أولًا هو إشعار الضيف باحترامه، وإعطاؤه جميع الوقت لإيصال وجهة نظره وفكرته، وكنت أساعده على التقاط بعض المفردات التي يحتاج إليها في حديثه، ومع معرفتي بأن البرنامج لم يحقق الإثارة للسوشال ميديا، الأمر الذي حكم بعدم استمراره، إلا أنني صالحت نفسي فيه بعد عشرات بل مئات الحلقات التي كنت أدخل فيها مع الضيف في منازلة وكأننا في حلبة ملاكمة!