رحل
وبقي أثره
العمالة المنزلية في حقيقة الأمر ليست مظهراً اجتماعياً أو ترفاً، بقدر ما هي حاجة ملحة تتطلبها ظروف الحياة ومعها تواجدهم داخل منازلنا يشاركوننا حياتنا بكل تفاصيلها، بل هم شركاء فيها.
المجتمع السعودي تطبعوا بالرحمة والشهامة والكرم والاحترام في التعامل معهم، بعيداً عن الحالات الشاذة التي لا قياس لها، وما بين الحرص على حسن التعامل معهم والاستعلاء عليهم وتجاوز بعضهم، يبقون جزءًا لا يتجزأ من نسيج المجتمع السعودي، لهم حقوق كما عليهم واجبات، عليهم الوفاء بها بكل أمانة وإخلاص، وحُسن التعامل كفيل بتميز العلاقة بين الطرفين لتتحول لمحبة وإخاء وإخلاص.
أول أمس فوجئت بوفاة سائق العائلة السريلانكي محمد أيوب، وهو بمثابة الأخ والابن بعد أن قضى “22” عاماً، كان خلالها مثالاً للتفاني في عمله بكل إخلاص ومحبة، كان ساعدي الأيمن في قضاء مشاغل الحياة، كانت علاقتنا معه مبنية على الود والاحترام، لم يكن مجرد وافد يعمل، إنما هو إنسان مؤتمن يؤدي ما يكلف به بكل أمانة ورحابة صدر وتفانٍ.
محمد أيوب إنسان “نادر” أحبنا وأحببناه حتى إنه رفض السفر لبلاده آخر خمسة عشر عاماً.. أيوب مصاب بأمراض العصر “السكر والضغط” ويتلقى العلاج مجاناً مثله مثلنا في مستشفيات وزارة الصحة، وتلك واحدة من أفضال حكومة وطني على كل الأخوة والأخوات غير السعوديين المتواجدين للعمل لدى الأسر السعودية.
أيوب توفي بين يدي الابن عبد العزيز والابن عبد الله وهما يهمان بنقله للمستشفى بعد إصابته بنوبة قلبية، إلا أن القدر لم يمهله كثيراً رحمه الله..
لقد بكيت على فقده.. كان بالنسبة لنا واحدًا من الأسرة، له ما لنا وعليه ما علينا، تعاملت معه كواحد من أبنائي وكان مثالاً في تعامله معي، ولم أسمع منه كلمة “لا”، كان فريداً في تعامله وإخلاصه، كان خبر وفاته مؤلماً وفراقه محزناً، داعياً الله له بالرحمة والمغفرة.
ختاماً، أوصيكم ونفسي بحسن التعامل مع العمالة المنزلية، وهم أمانة في أعناقنا وتحت رعايتنا ومسؤوليتنا، وعلينا أن نتعامل معهم في ظل قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللّه تحْتَ أيْدِيكُمْ. فَمَنْ كَانَ أخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مما يأكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِما يَلْبَسُ، ولا تُكَلِّفُوهُمْ ما يَغْلِبُهُمْ فإنْ تكلَّفوهُمْ فأعِينُوهُمْ”.
رحمنا الله وإياكم وعفا عنا وعنكم.. وعلى دروب الخير نلتقي..