تعريف
مبَكر
قيادة السيارة تكشف كثيرًا عن طريقة تفكير السائق، ليس في الطريق فقط بل في الحياة كلها، ولكي تتعرف على أي إنسان بوضوح عليك أن تشاهده وهو يقود سيارته، وتنتبه لسلوكه في التعامل مع السائقين الآخرين، بدلاً من أن تكتشفه بعد سنوات الصحبة التي قد تكون مكلفة.
لذلك وإذا ما تعرفت على صديق جديد لا تحكم عليه بسرعة، بل اصعد معه سيارته واكتشف حجم تفكيره ومدى صبره ومستوى أخلاقه أثناء قيادته.
قبل أعوام كرمت إدارة المرور البريطانية سائقًا عجوزًا، لأنه لم يرتكب طوال 60 عامًا أي مخالفة ولم يتسبب أو يوجد في أي حادث مروري، وعندما سألوه عن هذا التميز أجاب بما معناه بأنه يتعامل مع السائقين على أنهم مجانين وهو العاقل الوحيد، وهذا ما جعله يتعامل معهم بحذر وصبر، وتغافل عن غضبهم وشتائمهم.
من مواصفات السائق الغشيم أنه يعتقد دائمًا بأنه على حق، تمامًا مثل الإنسان الذي يرى أخطاء الآخرين لكنه لا يرى أخطاءه أو أنه يبررها، ومن مواصفاته أيضًا أنه يريد أن تكون الأولوية دائمًا له، فإذا ما نافسه أحد في ذلك وصفه بالأنانية وبأبشع المواصفات، وإذا ما تجاوز السرعة المحددة برر ذلك لضيق الوقت ولحاجته للوصول بسرعة، ثم إذا ما شاهد بعد أيام سائقًا متجاوزًا السرعة المحددة وصفه بالرعونة وسوء الأخلاق.
حاولت إدارات المرور في العالم أن ترشد السائقين للقيادة الآمنة، وكتبت إرشاداتها في لوحات على جوانب الطرق، ولا يبدو لغاية الآن أن كلمات الحكمة تصلح للجميع، حتى أن بعض الإرشادات صارت مصادر للنكتة، مقولة “بابا ارجع لنا سالمًا” أصبحت “بابا ارجع لنا سالمًا.. أمي تتزوج بعدك”، قد يكون تأثير الإضافة أبلغ عند السائق من طلب العودة سالمًا فقط.
والثابت لغاية الآن أن المخالفات المرورية هي من تحسن الأخلاق، لأنها تمس الجيوب، أنا واحد ممن تحسنت أخلاقه وصار منضبطًا بفضل ما دفعته مقابل مخالفات السرعة التي ارتكبتها، ولولا تلك المخالفات لبقيت مدة أتجاوز فيها السرعة المحددة، ساهمت المخالفات في إبقائي يقظًا ومبتعدًا عن خيالاتي التي تزورني أثناء قيادتي السيارة، وتسببت في عدم انتباهي للسرعة المحددة، أعتبر نفسي سائقًا جيدًا، ليس لأنني سائق جيد بل لأنني أعتقد ذلك، يقول بطل العالم السابق للفورمولا النمساوي نيكي لاودا “يستطيع الإنسان الاعتراف بكل شيء إلا بأنه سائق سيئ”.