2021-06-07 | 22:37 مقالات

صراحة منظمة الصحة العالمية

مشاركة الخبر      

لم أكن أعرف أن هناك منظمةً اسمها منظمة الصحة العالمية. أعرف الهلال الأحمر، والصليب الأحمر، أسمع عنهما في نشرات الأخبار التي تنقل مجريات الحروب والكوارث، أما منظمة الصحة العالمية، فلم أعرفها إلا بعد كورونا، ووجدت نفسي أتابع تصريحاتها باهتمام كما يتابع غالبية سكان العالم كل ما تقوله وتعلنه. ولأن سبب معرفتي بها “جائحة”، فقد أصبحت هذه المعرفة ثقيلة على نفسي، وأشبه بالتعامل مع إنسان لا تريد التعامل معه، لكنك مضطر ومجبر على ذلك.
بالأمس اخترت مكانًا هادئًا، وقررت أن أعطي نفسي وقتًا مستقطعًا وبعيدًا عن العمل وكل واجباتي اليومية، وعاهدت نفسي ألَّا ألمس “الجوال” طوال هذا الوقت، ولأن لمس وفتح الجوال، وأخذ جولة سريعة في الـ “سوشال ميديا” هي عادةٌ، فقد خالفت عهدي، وفتحت الشاشة، وقرأت تصريحًا من منظمة الصحة العالمية تقول فيه: إنها تدرس ظهور سلالة نيبالية جديدة لفيروس كورونا.
بالمناسبة تعدُّ عادة الإمساك بالجوال وفتحه، وأخذ جولة سريعة في الـ “سوشال ميديا” حالة إدمان، وقبل أيام كتب الأستاذ خالد السليمان مقالًا، نقل فيه ما قاله الدكتور فهد العريفي، رئيس مبادرة “لا يأخذك” لتقليل الإدمان الرقمي، “أن هناك دراسة تبيِّن أن نسبة إدمان الهاتف الجوال للشباب، بلغت 89 في المئة”، وأضاف أننا نُخرِج الجوال من جيوبنا 286 مرة في اليوم، بالتالي نرفع الجوال كل دقيقتين ونصف الدقيقة!”. أعود إلى منظمة الصحة العالمية، التي تواجه تذمُّرًا وانتقادات كثيرة من الناس بسبب تصريحاتها المقلقة بعد كل كشف عن سلالة جديدة من كورونا، أو تنبيه من وباء جديد. المنظمة يا أعزائي تتعامل مع العالم مثلما يتعامل الأطباء الأوروبيون والأمريكان مع مرضاهم، حيث تكون الصراحة اللغة الوحيدة عند التشخيص، أو الشك في مرض ما، عكس ما يفعله بعض الأطباء العرب مع مرضاهم، حيث يكون المريض آخر مَن يعلم عن حالته! كما أن المنظمة إن لم تفعل ما تفعله من تصريحات وتنبيهات، فلن يكون هناك سبب لوجودها المهم، وهل من المعقول أن تخفي عنا الحقيقة؟ ثم هل هي المسؤولة عن وجود كورونا وغير كورونا؟ لا أعتقد أن موجة الانتقادات الموجَّهة إلى منظمة الصحة العالمية لها مبرراتها، هذا ما توصلت إليه على الرغم من أنني كنت قد وجَّهت إليها انتقادات عدة على ميكرفون الإذاعة بعد ظهور سلالات جديدة أو بعد تصريح مخيف منها، واعتقدت حينها أنها تتخبط، وتبالغ في ما تعلنه.
علينا أن نتقبَّل حقيقة أن لفيروس كورونا سلالات متحورة، وقد يطول الأمر أكثر مما نعتقد، وألَّا نقلق من ذلك، حتى إن سمعنا عن سلالات قادمة من كواكب في الفضاء. العالم تعايش مع وجود كورونا على الرغم من الثمن الباهظ الذي ندفعه، والإنسان حقق انتصارات في معارك عدة معه. لا توجد حلول سوى اللقاحات، وطالما أنها توافرت فالعالم سيكون بخير.