العالم الذي نعيش فيه
مقال اليوم عن شخصيتين تناولت وسائل الإعلام أخبارهما في اليومين الماضيين، تعلمت أن لا أنتقد من لست في موضعه، صحيح أنني أنسى في بعض الأوقات ما تعلمته وأبدأ بتوجيه النقد إلا أنني كثيراً ما توقفت وتراجعت متذكراً عهدي الذي قطعته على نفسي بأن لا أنتقد تصرف من لم أمر في تجربته ولم أوضع في موضعه، لأنني أدرك تماماً أنني لو كنت في مكانه قد أفعل نفس ما فعل وقد أزيد عليه.
اليوم إذا ما شاهدت ثرياً يشتري كوب قهوة بمليون دولار لا أوجه له النقد على تصرفه، ليس لأنه ليس مبذراً كصورة أولية فيما فعل، ولكن الواقع أنني لست في نفس ظروفه، ولو كنت في نفس حالته المادية قد أشتري كوب القهوة بمليوني دولار وليس بمليون دولار، من السهل أن نوجه النقد لمن تكون تصرفاتهم غريبة لكن نقدنا لا يضمن بأننا لن نفعل نفس أفعالهم إذا ما كنا في مكانهم أو ظروفهم، الله وحده يعلم فيما سنكون عليه.
عموماً كل هذه المقدمة لن تمنعني من الاستغراب على الأقل من رجل اشترى تذكرة سفر بـ 28 مليون دولار من أجل رحلة مدتها 10 دقائق! لم يعلن اسم الشخص الذي اشترى التذكرة الخاصة على متن الصاروخ نيو شيبرد الذي سيحمل كبسولة تتسع لأربعة مقاعد، المعروف أن المالك والرئيس التنفيذي لأمازون جيف بيزوس سيكون أحد المسافرين على متن هذه الرحلة الفضائية، وبحسبة سريعة فقد دفع المسافر المجهول 2.7 مليون دولار للدقيقة الواحدة، أي أن قيمة الثانية الواحدة في هذه الرحلة تبلغ 45 ألف دولار، سبحان الله.. كم في العالم من قصص متناقضة، فأحدهم دفع في ثانية واحدة ما يعادل مرتب أحدهم لعام كامل، أو لعدة أعوام في أماكن مختلفة في العالم، وقد يكون ما دفع في هذ الثانية أكثر مما يحصل عليه إنسان آخر في مكان ما طيلة حياته. من الواضح أنني لم أحفظ الدرس جيداً في عدم انتقاد تصرفات الآخرين.
ـ بعض المشاهير على اليوتيوب لديهم من المتابعين ما ليس لدى أشهر القنوات العالمية، تخيلوا أن قنوات فضائية ميزانيتها عشرات أو مئات الملايين من الدولارات ليس لديها متابعون مثل بعض مشاهير اليوتيوب الذين لا ينفقون على برامجهم أكثر من مئة دولار على الحلقة الواحدة، وفي بعض الأحيان لا تكلف حلقاتهم أي مصاريف، مجرد تصوير عبر الجوال! لكن هذا الفارق في أعداد المتابعين لا يعني أن هؤلاء المشاهير أكثر تأثيراً من القنوات التلفزيونية، خصوصاً أن القنوات التلفزيونية ملتزمة بمحتوى مهني مسؤول، بينما يستطيع كل من يريد أن يبث من قناة يوتيوبية كل ما يريد، حتى إن كان المحتوى الذي يقدمه بعيداً عن المهنية وأخلاق المادة الإعلامية. قبل أيام حصل مستر بست أحد مشاهير اليوتيوب على ملايين المشاهدات على قناته، أما ما عرضه على متابعيه فهو النوم في تابوت لمدة 50 ساعة تحت الأرض، وقال إن ما قام به من أجل الترفيه عن متابعيه، أما عدد متابعيه يا أعزائي فيبلغ 57.5 مليون متابع، وهو أضعاف متابعي قناة CNN . صحيح أنني عاهدت نفسي على ألا أنتقد الآخرين لكن هذا لا يعني أن لا أقول بأن تصرف مستر بيت تصرف واحد خبل!.