2021-06-25 | 01:17 مقالات

كأس أوروبا وعالمنا الجميل

مشاركة الخبر      

ما أجمل أيام بطولة الأمم الأوروبية، كانت نهاية الدور الأول مثيرة، وتلاعبت دقائق المباريات الأخيرة بأعصاب المشجعين، فلا نعلم أي فريق سيكون في المركز الأول أو الثاني والثالث في المجموعات أو من سيغادر البطولة، حتى أطلق حكام المباريات صافرة النهاية، كانت أسماء فرق كل مجموعة في جدول الترتيب تتبدل على الشاشة مع كل هدف، وكأننا في بورصة الأسهم، أو في سباق خيول شديد المنافسة.
لاحظت أنني هذه المرة لم أشجع فريقاً محدداً بالإضافة للمنتخب الإنجليزي الذي أشجعه دائماً بحكم “العِشرة” والعيش والملح، ووجدت نفسي أتنقل من فريق إلى آخر، أشجع هولندا متعاطفاً لأنها خسرت كل مبارياتها الثلاث على نهائي كأس العالم، وشجعت أوكرانيا لأنني شاهدت فريقاً شاباً لعب بكل ثقة وحماس أمام هولندا، وخسر المباراة المثيرة بفارق هدف، ثم وجدت نفسي أشجع السويد بسبب مهاجمهم الأسمر “إسحاق”، الموهبة القادمة بقوة، يتحرك بأناقة مثل غزال، ويتلاعب بالدفاعات مثل ثعلب، كما أنه خلوق، وهذا ما سيضاعف فرص نجوميته العالمية.
وأحببت الجمهور الهنغاري لأنه صفق كثيراً لفريقه بعد أن ودع المنافسة، لكن هذه البطولة تحديداً أعطتني درساً جديداً في العلاقات العامة وتهذيب السلوك، وأن الصمت في أحيان خير من الكلام، لأنني وجدت نفسي هذه المرة أشجع الفريق الفرنسي الذي لم أشجعه يوماً في حياتي، وطالما ناقضت فيه الواقع عندما قلت مراراً بأنه فريق يبحر في سفينة الحظ، كلام لمجرد الكلام، حجة ضعيف تعامى عن سحر زيدان لسنوات، وعبقرية تيري هنري في تسجيل أهدافه، وفكر باتريك فييرا في مركز الوسط، هذه المرة وجدت نفسي أشجع فرنسا لأنني أحب بوجبا، وبمجرد أن شجعت فرنسا من أجل بوجبا وجدت نفسي أحب جريزمان، وكانتي القصير، ثم تفجر حب جديد لكريم بن زيمة، وصرت أنظر إلى وجهه بنفس العاطفة التي أنظر بها إلى أحبتي.
نظرت إلى حبي الجديد للمنتخب الفرنسي ثم راجعت كل أقوالي السلبية والعمياء عنه، الدرس أن لا أتطرف لأن التطرف جهل، ويظهر الإنسان جاهلاً مهما علا صوته، الدرس الآخر عن تأثير الحب، كم يفتح الحب أبواباً حب جديدة ؟ وكم يريح النفس من ثقل مشاعر البغض ؟ أعادت بطولة الأمم الأوربية الكثير من الأجواء التي أخفتها كورونا، وهذا ما جعل لها طعماً مختلفاً عن باقي البطولات. ولا أستطيع وصف سعادتي كلما شاهدت الجماهير في ملاعب البطولة تهتف لفرقها في مشهد اشتقنا لمشاهدته طوال أكثر من عام، لا يهم من سيفوز بالبطولة، المهم أن تكون هناك بطولة، ولا يهم إن امتلأت كل مقاعد الملعب أم بقيت بعض المقاعد فارغة، المهم أن يكون هناك جمهور. لماذا احتاج بعضنا وأنا منهم إلى مثل ظروف الجائحة لكي يدرك أن العالم كان جميلاً؟.