ألو.. خدمة العملاء!

أعجب من كل شركة تجارية لديها خدمة عملاء وتقدمها بصورة سيئة، ولم أستطع تفسير ذلك إلا على أنه سوء إدارة وعدم احترام الذين وثقوا بالشركة أو المؤسسة واشتروا المنتج أو الخدمة منهم، ينسى بعض المستثمرين أساس مشروعهم أنه خدمي ونجاحه وفشله قائم على مستوى هذه الخدمة المدفوع ثمنها من جيوب الناس، أستغرب من شركة طويلة عريضة يعتبر التواصل معها عبر الهاتف عملية تعذيب نفسي، لأنها تجعل مدة الانتظار على الهاتف مدة طويلة، ومن قسم إلى قسم، وكأنهم يعاقبون من وثقوا بهم على ثقتهم عندما اشتروا الخدمة منهم.
زميل دراسة صار مديراً لشركة كبرى تبيع منتجات تخص كل ما يتعلق بشؤون المنزل، كان هذا الزميل قد تدرج في عمله حتى وصل إلى ما وصل إليه، زرته في مقر عمله، ثم أخذني جولة في الشركة واستعرض لي المنتجات وخدماتهم التي يقدمونها، بعد جولة كاملة على الأقسام قال: الآن سآخذك إلى أهم قسم في شركتنا والأكثر حساسية، ثم فتح باباً ودخلنا إلى مكتب كبير فيه عدة موظفين يضعون سماعات على آذانهم، ثم أشار نحو الموظفين وقال: كل الموظفين في الشركة مهمين، لكن نجاحنا وفشلنا يبقى في هذا القسم وموظفيه، استمرار أرباحنا أو خسارتنا مرهون بمستوى أدائهم، هذا قسم خدمة العملاء ما بعد البيع، ولا يحتاج المتصل أكثر من دقيقة واحدة للتحدث مع الموظف، أما إذا تجاوزت مدة الوصول للموظف أكثر من دقيقة فستكون هناك مشكلة كبيرة بالنسبة لنا وهناك من سيتحمل المسؤولية، ثم حكى لي ما لم أنسه كلما اتصلت على خدمة العملاء في بعض الشركات وتحول اتصالي إلى كابوس مزعج، قال بأن مشكلة بعض الشركات خصوصاً التي تُصبغ بسمعة سيئة أنها لا تهتم بالعميل بعد البيع بصورة ممتازة، مع أن مصدر دخلها الوحيد هو هذا العميل الذي لن يكرر تجربة الشراء بسبب سوء خدمة ما بعد الشراء.
ثم قال الزميل بأن من أسرار نجاحه وتهاتف الشركات للحصول على خدماته هو خدمة ما بعد البيع لأن العملاء يكررون الشراء عندما يشعرون باحترامنا لهم وأنهم دفعوا مقابل ما يستحق . أعرف أن التجارة شطارة، لكنني متأكد أن الشطارة ليست في مجرد البيع، احترام العميل شطارة، صناعة الولاء للشركة أو المؤسسة شطارة، الأمانة شطارة الشطارة، من السهل جداً أن تقدم العروض والتخفيضات وتحصل على الزبائن، لكن الشطارة أن تحافظ عليهم وتلتزم بما تعهدت فيه لهم لكي تثبت جدارتك وتكسبهم، التجارة ليست ألغازًا، بل أمانة واحترام وسمعة تكتسب أثناء وبعد تقديم الخدمة.