ما تدري...
الحمد لله أن عالمنا فيه ما يُضحكنا مقابل كل هذه الجدية والصعوبات التي يواجهها المرء، وأظن بأن الطرائف التي يقرأها أو يشاهدها الإنسان أشبه بمشاهدة مشهد في مسرحية دون أن يدفع ثمن تذكرة دخولها، الفارق أننا في المسرحية نعلم بأن ما يدور على خشبة المسرح تمثيل، وما يحصل خارجها حقيقي، وأنا عندما أضحك على موقف حدث مع أحدهم لا أضحك بسخرية، بل بتعاطف كامل مع من وقع عليه الضحك هذه المرة، لأنني سبق وكنت ممن وقع عليهم الضحك أكثر من مرة، لذلك أتفهم مشاعر كل شخص مضحوك عليه، وضحكي إنما تبادل أدوار لكي ننعش قلوبنا ونجدد طاقتنا، ولنمضي في الحياة التي لم نختر فيها الكثير مما آلت إليه الأمور.
في الصين فكّر صاحب مطعم شعبي جديد بتقديم بوفيه مفتوح لزبائنه، يدفعون مبلغاً معيناً ثابتاً يتيح لهم أكل ما يشتهون وبالكميات التي تشبعهم تماماً، كما أنه راهن على جودة طعامه وإن كلفه الأمر أن يشتري اللحوم والأسماك بثمن مرتفع، لأنه من المؤمنين بمقولة الجودة تقابلها السمعة، وأتخيل حينها أن صاحب المطعم قال في نفسه مهما أكلوا فلن يأكلوا أكثر مما دفعوا، كانت هذه الفكرة هي أفضل ما فكر فيه صاحبنا لمنافسة المنافسين، خصوصاً وهو قبل افتتاحه مطعمه كان يفكر في افتتاح الفرع الثاني، على أساس أن نجاح الأول مضمون، كانت فكرة البوفيه المفتوح معقولة ومجربة، الشيء الوحيد الذي لم يفكر فيه أخينا الصيني هي نظرية “ما تدري” وهذه النظرية أنا وبكل فخر من اكتشفها، وخلاصتها أنك تكون قد حسبت حساب كل شيء وراجعه الخبراء من قبلك وبعدك، ثم يظهر لك أمر لا في البال ولا في المنطق، وما حصل عندما افتتح أخينا الصيني مطعمه جاءه زبون أكل في اليوم الأول كيلو ونصف من اللحوم، بالإضافة طبعاً للأرز والمقبلات، حينها قال صاحب المطعم: تتعوض إن شاء الله. في اليوم التالي جاء نفس الشخص والتهم دون توقف ما قدره صاحب المطعم من 3.5 إلى 4 كيلو من الروبيان، وشرب أكثر من 20 زجاجة من حليب الصويا “نظرية ما تدري” انفجر صاحب المطعم غضباً وقام بطرد الزبون، يقال والله أعلم أن صاحب المطعم عندما حل الظلام خرج يمشي وحيداً في الطرقات، ولم يعثر عليه ابنه إلا متأخراً.
الابن: أمي تسأل عنك وخائفة عليك
الأب: قل لها أنتِ طالق.