ترند
* بالأمس شاهدت فيلم
don’t look up (لا تنظر للأعلى) بطولة ليناردبو دي كابريو، قصة الفيلم تبدأ عندما تكتشف طالبة دكتوراه نيزكًا ضخمًا يتجه نحو الأرض، توجهت الطالبة إلى أستاذها وبعد عملية حسابية توصلا إلى أن النيزك سيصل الأرض بعد 5 أشهر و11 يومًا وسيتسبب بدمار شامل.
ذهبا إلى إحدى القنوات التلفزيونية التي استضافتهما مع مجموعة من الضيوف الآخرين، كان من بين الضيوف مغنية مراهقة جاءت للبرنامج للتحدث عن انفصالها عن خطيبها، وعند نهاية البرنامج كان (الترند) في السوشل ميديا عن عودة علاقة المغنية المراهقة وخطيبها، بعد أن تصالحا على الهواء، وانتشر حديثهما وصورهما في جميع وسائل التواصل، وحصلا على مشاهدات وتعليقات حققت أرقامًا قياسية، أما الطالبة والأستاذ اللذان جاءا لتحذير العالم من نيزك سيدمر العالم ويقضي على البشر فلم يحصل تحذيرهما إلا على القليل من الاهتمام، بل إن بعض أصحاب الحسابات صاروا يتندرون على خبر النيزك، وقام بعضهم بالتنمر على شكل الطالبة التي كانت قد انفعلت على الهواء وهي تحاول تحذير العالم من خطر قادم.
* في الفيلم تسليط ضوء غير عادي على المحتوى الذي يحقق مشاهدات عالية، ويحاول أن يقول إن المحتوى المهم لا يسلط أغلب الناس الضوء عليه إنما يميلون إلى القصص السريعة خصوصًا تلك التي تدور حول خلافات المشاهير وما فيها من نميمة. ففي الوقت الذي كان هناك من يحذر العالم من خطر شامل انشغل الناس بقصة مراهقين انفصلا ثم عادا إلى بعضهما.
* لم يكتشف الفيلم شيئًا جديدًا في السلوك العام للجمهور، ويحسب للفيلم أنه سلط ضوءًا ساطعًا على سلوك الجمهور، لكننا يجب ألَّا ننسى أن الجمهور الاستهلاكي هو بالأساس صنيعة الإعلام نفسه، والمتابع لتاريخ النشر الورقي أو المرئي سيجد أن وسائل النشر وخصوصًا الخاصة كانت دائمًا المساهم الأكبر في نشر المحتوى الاستهلاكي السريع، لأنه يحقق مردودًا ماديًا ويجعل المنصة الإعلامية واحدة من المنصات الأكثر متابعة أو مشاهدة، وهذا السلوك الإعلامي الممتد جاء على حساب مستوى المحتوى وتقليل مساحة رأي الأسماء المهمة إن لم يغيبها تغييبًا كاملًا في بعض الأحيان.
* نظرة سريعة للأسماء الكبيرة والمؤثرة سنجد أنها بعيدة عن الترند، وبعضها بعيد جدًا، لكنها قريبة من العقول، ومفيدة للناس.