مقولات
في ذاكرة الهاتف
عندما أقرأ مقولة وتعجبني أقوم بتصويرها وأحفظها في هاتفي، إلى أن صرت أحتفظ بعشرات المقولات. في المدة الأخيرة لاحظت عندما أبحث في هاتفي عن أحد الأرقام وصادفت مقولة إنني أردد: أنت بس شاطر تصوّر مقولات! عتبي الساخر مرده أنني لا أنفذ وصايا المقولات وأنسى حكمتها سريعًا.
اليوم قررت أن يستفيد غيري من المقولات التي احتفظت بها، لاعتقادي بأن حكمتي كان ناقصها بس حته! أبدأ بمن يريد أن يطرح فكرة يتفق عليها الجميع، وهي معادلة أقرب إلى المستحيلة، يقول فرناندو بيسوا (ليس من فكرة ذكية تستطيع أن تحوز على القبول العام إلا إذا كانت ممزوجة ببعض الغباء)، أراد شاعرنا البرتغالي أن يتجنب عناء الجدال مع الأغبياء، فألقى عليهم ما يرضي حماقتهم. مقولة لمحمود السعدني أراهن أنه أراد أن يجبر بخواطر أصحاب الأحلام الكبيرة، أولئك العمالقة الذين يعانون صعوبة الظروف والإمكانات وعقول البشر من حولهم، ولا أعلم إن كان السعدني يقصد نفسه كواحد من أصحاب هذه الأحلام، وقال ما قاله لكي يجبر بخاطر نفسه أيضًا (أصحاب الأحلام الكبيرة هم الأطول عمرًا، لأن عمرهم لا يقاس كباقي الناس بالسنين التي عاشوها، ولكن بالحلم الذي حلموا به).
الخوف والقلق معوقان كبيران، وكم من عقول كان مصيرها التألق والنجاح، لولا أنها مصابة بالخوف والقلق، وفضلت الظل حتى في مواسم الشتاء الباردة، فغطتها الثلوج واندثرت، في فيلم من قصة حقيقية استمعت للبطل وهو يرد على من يريده أن يتخلى عن حلمه لما يسببه الفشل من كلفة كبيرة (أكرم للمرء أن يعيش نمرًا مدة عام، ولا أن يعيش 20 عامًا كسلحفاة). أنا من أنصار أن يحيى الإنسان نمرًا، شريطة أن يكون نمرًا خيرًا، حينها سينفع الناس وينفع نفسه.
أسوأ ما يعانيه الأذكياء في حياتهم وجود الأغبياء من حولهم، لأن الأغبياء يحاولون منع الأذكياء من تنفيذ أفكارهم لاعتقادهم بأنهم مجانين، هذا ما قاله ستيفن هوكينج (الأمر الغريب مع الأذكياء والأغبياء هو أن الأشخاص الأذكياء يبدون أنهم مجانين بالنسبة للأشخاص الأغبياء)، الحمد لله أنني قرأت هذه المقولة التي زادت من ثقتي في نفسي، لأن هناك من قالوا إن بعض أفكاري وتصرفاتي مجنونة، الآن تأكدت بأنني واحد من الأذكياء الذين يقصدهم هوكينج، تبقى أن أحقق أي انجاز وإن كان جدليًا ومشكوكًا في فائدته لأبرهن عن وجود ذكائي.
لماذا يفشل بعض الأقوياء في أمر ما؟ قد يكون أحد أهم الأسباب أنهم اتخذوا شكلاً واحدًا من القوة، أو أن نوعًا معينًا من القوة مفقود، وقد يكون هذا النوع هو الذي يفتقده البعض، نيلسون مانديلا يشير إلى هذه القوة الحكيمة (القوة ليست دائمًا فيما نقول ونفعل، أحيانًا تكون فيما نصمت عنه، فيما نتركه بإرادتنا، وفيما نتجاهله).