2022-05-02 | 23:27 مقالات

عيديات

مشاركة الخبر      

ـ العيد فرصة قد لا تتكرر لكي يعيد الإنسان حساباته ويضعها على طريق التسامح، وهو فرصة أصحاب الأخلاق العالية لتجاوز كل شيء، حتى تلك التي مازالت تؤلم القلب، وفرصة لإعطاء القلب مساحته ومكانته الحقيقية ليظهر طيبته وحقيقة دوره الخيّر في أن يجمع لا أن يفرّق.
نعيش أيامنا في حركة لا تتوقف، فنؤثر ونتأثر، ونصيب ونخطئ، ونلين ونقسو، ونَظلم ونُظلم بقصد أو بدون قصد، ثم تأتي أيام العيد لكي لا تشبه باقي الأيام، ولتكون سبباً وعذراً للتسامح. أيام العيد للسمو ولعب الدور الكبير، الدور الذي يقوم به صاحب النفس الأكرم والقلب الأشجع. لم أرى متسامحاً ندم لأنه سامح، لكنني أعرف نادمين لأنهم لم يسامحوا، وتمادوا وتناسوا ونسوا حتى فات الأوان، مرت الأعياد عليهم وكانوا يستطيعون بمسامحتهم أن يحتضنوا قلوباً طالما أحبوها وشاركوها الأيام والذكريات. عندما يتسامح الإنسان يتحرر قلبه وتبتهج روحه ويزداد قدره، لأن التسامح يصنع الحب، والحب يصنع الخير، والخير انتصار.
ـ العيد بداية جديدة ومناسبة للانطلاق، وسيكون تاريخاً مميزاً للبداية من جديد في كل ما تم تأجيله، أو حتى الفشل فيه، يقال إن الفشل استثمار قديم حقيقته الخبرة، والخبرة بضاعة تباع وتشترى لأنها قيمة، قبل مدة زرت داراً للعطور، وسهلت روائحها المتميزة قبول ثمنها المرتفع، لكنني لاحظت أن جميع العطور لا أسماء لها بل مجرد أرقام، وعندما سألت البائع عن السر أجاب بأن الأرقام التي اعتمدت بديلاً للأسماء عبارة عن عدد المحاولات التي قام بها العطار حتى وصل للنتيجة المطلوبة، كانت الأرقام تبدأ من الرقم 13 وتنتهي عند 49، أي أن العطار في العطر 49 فشل 48 مرة. أقول هذا الكلام للذين حاولوا وفشلوا، أو أجلوا طموحاً خوفاً من الفشل، بأن الذين يحققون أهدافهم هم الذين لم يتوقفوا عن المحاولة، ولا أستثني نفسي طبعاً من المحاولة من جديد.
ـ في أيام العيد تطل وجوه الراحلين الذين كانوا معنا، فنسمع أصواتهم ونسترجع تفاصيلهم فنسأل أنفسنا: هل عبّرنا عن محبتنا لهم بالقدر الكافي؟ هل قضينا معهم الوقت الذي يستحقونه؟ هل كنا يوماً من أسباب سعادتهم؟ يبقى العيد فرصة جديدة نقدم فيها للأحياء ما لم نقدمه للراحلين.