2022-05-11 | 23:47 مقالات

رونالدو

مشاركة الخبر      

عندما سطع نجم رونالدو لم أكن معجبًا به، ربما لأنني لم أكن أشجع مانشستر يونايتد، ولأنني برشلونيًا بينما رونالدو المدريدي هو أكثر من كان يهز شباك برشلونة، كنت أقول بأنه ظاهرة وستختفي، وأن وسامته أعطته قبولًا خفيًا، وأنه يلعب على الواقف وزملاؤه هم الذين يبذلون المجهود ويوصلون الكرة إلى أقدامه.
على عكس زين الدين زيدان والبرازيلي رونالدينهو وميسي الذين يصنعون الفرص لهم ولزملائهم، ثم وبعد أن استمر في فعل فعله وعجائب سحره، وجدت أنني توقفت عن نقده، ثم صرت أحب مشاهدته والانتباه لما يفعله بالكرة، ولم تكن تزعجني تلك الأهداف التي يسجلها على برشلونة، كنت أتقبلها منه لا من غيره من زملائه في فريقه، إلى أن أصبحت واحدًا من المعجبين به، بل ومن الذين يحترمونه كثيرًا كلاعب وكإنسان، حتى اعتبرته نموذجًا تاريخيًا للاعب الكرة الأسطوري. يعجبني في رونالدو أنه يعرف أين يقف، وأين يذهب، ليس في ملعب الكرة فقط بل في ملعب الحياة، رونالدو يعرف أن التدريب للاعب يصنع فارقًا في المستوى بينه وبين منافسيه، لذلك يقال بأنه من أكثر اللاعبين تدربًا في العالم، يتدرب حتى بعد وجبة الغداء، وفي كل وقت لا يفعل فيه شيئًا، وهذا ما جعله وهو في السابعة والثلاثين يسجل أهدافًا وكأنه في العشرينات من عمره، ولن أستغرب إذا ما استمر في اللعب وهو في سن الأربعين، لا أشك في الأمر، لأنه يحب عمله ويعرف حجم مسؤوليته. قبل أيام تابعت مقاطع من لقاءاته وتعرفت على بعض ملامح طفولته وما فيها من قساوة، وتأكدت بأنه فهم الحياة جيدًا وهو في سن مبكرة أولها وأهمها أن يكون جادًا، وأن الفرص الضائعة في مرحلة الشباب غالبًا لا تتكرر، كان يعلم بأنه يعيش فرصة يجب الاستفادة منها أطول مدة ممكنة، وهذه الجدية التي اعتمدها أسلوبًا لحياته هي التي أظهرت لنا لاعبًا استمر ماهرًا إلى غاية اليوم. يعتبر رونالدو من كبار العقاريين لأنه استثمر الكثير من أمواله في العقار، يعرف بأن الكرة لن تدر عليه الأموال طيلة حياته، فاستثمر لما بعد كرة القدم. بالأمس قرأت أنه يكسب 1.7 مليون جنيه إسترليني من المنشور الواحد الذي ينشره عبر حساباته في السوشل ميديا التي يتجاوز متابعيه فيها المئة مليون، في الوقت الذي انتهت فيه مواهب في عمر مبكر لا تقل عن رونالدو مهارة، لكنها انتهت سريعًا لأنها كانت تلعب في الملعب وخارج الملعب. أعرف في الحياة من هم مثل رونالدو، ناجحون لأنهم كانوا جادين في حياتهم، وأعرف من هم أكثر مهارة منهم، لكنهم فوتوا الفرص لعدم جديتهم، ولاعتقادهم بأنها ستبقى بانتظارهم، لكنها لم تنتظر.