على
بياض
تلقيت اتصالًا مفاجئًا من مدرسة ابني يفيد بنقله إلى المستشفى بعد شعوره بالإغماء، وفور وصولي إلى هناك فاجأني الطبيب بالسبب وهو سوء التغذية، وهنا تساءلت كثيرًا إذا كان ابني لا يشتري الطعام بالمصروف اليومي الذي خصصته له فأين أهدره؟!
بعد البحث والتحري اكتشفت أن ابني فضل أن يشتري الألعاب من زملائه بدلًا من الطعام، وليته اكتفى بذلك فحسب لكنه اقترض المال من هنا وهناك وأصبح مديونًا لزملائه بأضعاف مصروفه اليومي، وهنا تساءلت مرة أخرى ما العمل؟!
لا أستطيع أن أحصي مجموع المبالغ المالية التي أنقذت بها القيادة الوسط الرياضي بسداد المديونيات العالقة والقضايا المتعثرة للأندية الرياضية التي صرفت بلا رقيب أو حسيب ما يفوق إمكاناتها المالية بمراحل، إلا أن مكرمة القيادة التي تكررت أكثر من مرة كانت تهدف إلى صفحة جديدة عنوانها الحوكمة المالية والإدارية حتى لا نسمع عن أندية سلمت للدولة لأنها أعلنت إفلاسها.
في ظل الجدل الكبير الذي وصل صداه إلى مجلس الشورى حول محاسبة الأندية المتعثرة من قبل وزارة الرياضة، وما بين ذاك الذي يشدد على ضرورة هذه المحاسبة حفاظًا على موارد الدولة المالية من الهدر المالي الذي أصبح سمة الإدارات المستهترة التي تعودت أنها ستجد دائمًا من يقدم لها الحلول السهلة، وذلك الآخر الذي يراه منافيًا لمبدأ الخصخصة، أجد نفسي مؤيدًا لرأي الأول لأن ابني الذي ما زال يأخذ مصروفه مني لابد أن يلتزم بصرفه فيما خصصته له ولي كل الحق في محاسبته بخلاف ذلك.
دعوني ابتعد عن النموذج الحاضر الغائب الذي ضاع وسط كل هذا الزحام وسأتناول نموذجًا آخر ما زال بين الكبار وهو نادي الباطن الذي يتلقى الدعم الحكومي بمختلف بنوده ولا يهمني مقدار هذا الدعم بقدر ما يهمني آلية توظيفه، حيث يفترض أن يكون أبسط معايير المساءلة الإدارية والمالية الحصول على شهادة الكفاءة المالية المفقودة ناهيك عن المعيار الفني الذي يكمن في ضرورة توظيف هذا الدعم للبقاء بين الكبار بعد أن كان الباطن قاب قوسين أو أدنى من الهبوط، والسؤال هنا ماذا قدم الباطن حتى الآن ليستحق الدعم هذا الموسم؟!
لا أعتقد أننا بحاجة إلى خبير أو مستشار لحل هذه المعادلة السهلة، فما دمت مدعومًا لابد أن تحاسب على هذا الدعم وفق أسس ومعايير مدروسة حتى نمهد لخصخصة علمية سليمة ونستفيد من تجارب الآخرين وسقطاتهم في هذا المجال إذا أردنا أن نفتح صفحة جديدة، صفحة على بياض.