2022-10-23 | 23:42 مقالات

الهوية الخضراء

مشاركة الخبر      

أخيرًا توقف الركض وتلاشى صخب المدرجات، وبغض النظر عن المستفيد أو المتضرر من توقف الدوري فلا بد أن ننسى كل شيء ونتحد خلف راية واحدة ولون واحد ألا وهو اللون الأخضر.
وبمناسبة الحديث عن الأخضر فلا أدري لماذا لا زال البعض منا يعزو نجاحاتنا وإنجازاتنا إلى تراجع غيرنا، فرغم وصولنا إلى قطر متصدرين لمجموعتنا الحديدية إلا أنهم يرون أن ذلك كان بسبب تراجع مستويات الكمبيوتر الياباني والكنغر الأسترالي.
وفي المقابل أستغرب أيضًا من أولئك الذين يعلقون إخفاقاتنا وأخطاءنا على تقدم غيرنا أو إلى تآمر الكون علينا وكأننا لسنا موجودين في هذا الكوكب ولا يحق لنا أن تكون لدينا هويتنا الخاصة، فإذا نجحنا لا بد أن نهنئ أنفسنا على مضينا قدمًا في الطريق الصحيح، وفي حال أخفقنا فلا بد أن نعالج أخطاءنا لنعود إلى ذلك المسار.
ليس من عادتي الخوض في أمور أرى أنها لا تسمن ولا تغني من جوع على غرار قضية توثيق البطولات، بالإضافة إلى أولئك الذين نصبوا أنفسهم مساعدين للمدرب رينارد فضموا هذا واستبعدوا ذاك، لأنني باختصار أرى أن الخبز لا بد أن يعطى لخبازه حتى لو أكله كله.
القضية الجوهرية من وجهة نظري وسط كل هذا الجدل هي إجابة السؤال الأهم الذي اختلف حوله الجميع، وعجز عن إجابته المسحل ورفاقه، وهو ماذا نريد من أخضرنا في كأس العالم؟
لن أذهب مع أنصار المشاركة المشرفة، لأنها من وجهة نظري عبارة فضفاضة، وهدف لا يمكن قياسه بمؤشرات الأداء الموجودة في علم التخطيط الاستراتيجي، لأن ما تعتبره أنت مشاركة مشرفة قد أراه أنا وصمة عار.
لن أؤيد أيضًا أنصار الرأي الآخر الذين ذهبوا إلى أن عدم تأهلنا من المجموعة هو أمر مرفوض وفيما لو حدث فلا بد من تغيير المنظومة الرياضية بأكملها، لأن هذا الرأي يفتقد إلى الواقعية التي تحتم علينا النظر إلى المنافسين بعقلانية أكبر، فأنت تقارع ميسي وليفاندوفيسكي وكتيبة تاتا مارتينو، وأعتقد أن نظرة واحدة على التصنيف العالمي تكفي لتعيدنا إلى أرض الواقع.
المتأمل للاستراتيجية الوطنية للتحول الصناعي التي أطلقها مؤخرًا أمير الرؤية والطموح يجد أنها شجعت على صناعة السيارات والطائرات وإطلاق الأقمار الصناعية، لكنها لم تتحدث عن ضرورة أن نكون مثل الصين أو أمريكا أو روسيا، لأننا باختصار لا نحتاج إلى ذلك فنحن نبحث عن وطن يصنع وينتج ويصدر اسمه المملكة العربية السعودية.
الأمر ذاته ينطبق على المشهد الرياضي فلسنا بحاجة أن نكون البرازيل أو فرنسا أو ألمانيا حتى يكون لنا منتخب قوي، فإننا بالفعل أصبح لدينا شخصية مستقلة وبصمة مميزة، ويكفينا فخرًا عندما نسأل عن هويتنا الكروية أن نجيب قائلين لدينا هويتنا الخاصة إنها الهوية الخضراء.