نجم الهلال يروي الكواليس ويتحدث عن مفاوضات الصيف وطموحات المستقبل ميشيل:
حرّفوا كلامي ولم أسئ لهم
ولد ميشيل ديلجادو أوليفيرا، 12 مارس 1996، في بلدة بوكسوريو، التي يبلغ سكانها 16 ألف نسمة، واضطر إلى مغادرة مسقط رأسه في عمر 15 عامًا، هربًا من المشكلات المتتالية التي تلاحقه دون توقف، بدأ مسيرته الكروية بمساعدة من صديقه ومدربه فابريسيو كارفالو، الذي وضعه على الطريق الصحيح مع مونتي كريستو، ومنه انتقل إلى جويانا، ثم جويانيسيا عام 2017.
مرَّ صاحب الـ 26 عامًا بالعديد من التحولات منذ النقلة الكبيرة في مسيرته الاحترافية، بذهابه إلى فلامنجو في شتاء 2020، بمباركة من المدرب البرتغالي خورخي خيسوس، ولكن مستواه تطور مع وصول المدرب ريناتو جاوتشو إلى تدريب فلامنجو، لينتقل في نافذة الانتقالات الشتوية إلى الهلال، التجربة الاحترافية الأولى له خارج بلاده، ويلعب معه في مونديال الأندية ويسهم في تحقيق الأزرق لقب الدوري في الموسم الماضي.. ديلجادو تحدث في حواره مع “الرياضية” عن كواليس المفاوضات ومرحلة الانتقال وطموحاته.
01
سأتحدث معك عن بداية المفاوضات، مَن استشرت فيها؟ وماذا كنت تعرف عن الهلال؟
كنت لا أعرف كثيرًا عن الوطن العربي سابقًا، وكانت معلوماتي قليلة جدًّا، وحينما وصلني عرض الهلال بشكل شفهي أبلغني وكيلي عن وجود اهتمام بالتعاقد معي، فتواصلت مع الكولومبي جوستافو كويلار، الذي سبق أن لعبت معه في فلامنجو البرازيلي، وأعطاني بعض المعلومات، لكن الذي منحني معلومات أكبر عن الهلال والمعيشة وحفزني للقدوم كان اللاعب السابق تفاريس، الذي يعد شريك وكيلي إدواردو، الذي هو الآخر منحني الكثير من المعلومات. كانت خطوة مهمة في حياتي، خاصة أنها التجربة الأولى خارج البرازيل وفي هذه السن المبكرة، ومن حسن الحظ أن بدايتي كانت جميلة جدًّا بالمشاركة مع النادي في مونديال كأس العالم للأندية، وأمامي الكثير أيضًا لتقديمه معه.
02
تعد التجربة الاحترافية الأولى لك خارج البرازيل، كيف تصفها حتى الآن؟
بالتأكيد أنها تجربة مختلفة جدًّا، من حيث الثقافة والمدينة وأجواء البلد، هناك اختلافات ثقافية بشكل رئيس، ما زلت في مرحلة التأقلم بصراحة، ولا أستطيع أن أقول إنني تأقلمت حاليًّا بشكل كامل، أنا ما زلت أتعلم وأكتشف، لأنه ليس بالسهولة على الشخص التأقلم بسرعة في بلد جديد وثقافة مختلفة، ويوم بعد يوم سأجد نفسي أكثر قربًا وتأقلمًا هنا بكل تأكيد.
03
أين تقضي وقتك في الرياض؟
أنا رجل بيتوتي، أميل دائمًا إلى ملازمة منزلي، خارج العمل والتمارين، أكون دائمًا إلى جانب عائلتي وابنتي، أحب لعب الألعاب الإلكترونية بشكل مستمر، التي تعد هوايتي الدائمة، كما وضعت في المنزل طاولة كرة التنس. حاولت جاهدًا أن أوفر هنا كل ما كان لدي من ألعاب أو نشاطات كنت أمارسها في منزلي في البرازيل، أحيانًا أخرج إلى بعض المطاعم في الرياض، ولكن بصفة عامة غالبًا أقضي وقتي في المنزل كما ذكرت لك.
04
ما العادة الاجتماعية التي أحببتها في المجتمع السعودي أو لفتت انتباهك، سواء عادة أو حتى نوعية أكل؟
الالتزام الديني الذي يملكه المسلمون لم أرَ له مثيلًا، جذبني هذا الأمر وشدني كثيرًا محافظتهم وتقديسهم الصلوات في أوقاتها المحددة، جميعهم يصلون في ساعة معينة ويصطفون في صف واحد أيًا كانت الصفة أو المكانة لهم، سواء كان فقيرًا أو غنيًّا، حتى أنني أتذكر في إحدى المرات كنّا في الجو بالطائرة وأدى بعضهم الصلاة. شيء جميل حينما ترى الإيمان الذي يربط الشخص بربه، وأنا أتعلم من هذا الشيء، لأن ديني فيه الإيمان مهم أيضًا، ويجب أن أتواصل مع الخالق، لكن أحيانًا يمر يوم كامل لا نشكر ربنا أو نصلي إلا مرة واحدة، بعكس ما يحدث هنا بأن التواصل مع الرب أكبر، أنا لا أتحدث من دافع غيرة بل من نظرة إعجاب في هذه الجزئية تحديدًا. أما من ناحية الأكلات أحب الشاورما والرز مع اللحم “المفطح”.
05
ما سر سرعة اندماجك فنيًّا مع المجموعة رغم حضورك في الفترة الشتوية، حيث كنت من ضمن عوامل الحسم للدوري الماضي؟
ما زلت في طور التأقلم أيضًا، أنا رجل من نوعية الناس التي تحب السعادة، وما يسعدني هو الملعب وما أقدمه فيه. أنا متعلقٌ جدًّا بالكرة، ولم ألعبها من أجل المال فقط، ولكنني لعبتها لأنني أعشقها، وأسعى إلى تقديم كل ما لدي في كل مباراة ألعبها، وأحاول إسعاد نفسي عن طريق هذا الأمر. المسيرة الكروية ستنتهي يومًا ما، لذا يجب عليَّ أن أسعى جاهدًا إلى وضع بصمة في كل مباراة حتى أبقى سعيدًا.
وما ساعدني في الفترة القصيرة الماضية هي الثقة التي منحني إياها زملائي اللاعبون والجهاز الفني، والأريحية التي أشعر بها من ناحية الجماهير، كما أنني أشعر بالالتزام في مساعدة الفريق.
06
ظهرت أحاديث في الإعلام البرازيلي تؤكد رحيلك عن الفريق في فترة الصيف.. هل هذا صحيح؟ وهل تلقيت فعلًا عروضًا من أندية برازيلية في تلك الفترة، وماذا كان ردَّك؟
أجريت حوارًا واحدًا في البرازيل، وتم أخذه لمنحى مختلف جدًّا لما ذكرته في كامل الحوار، لأنه لم يخرج كاملًا، وتم استقطاع ما يراد أن يستقطع منه، بحذف أجزاء كثيرة من اللقاء، ليبث للجمهور البرازيلي بهذا الشكل، إضافة إلى عدم دقة الترجمة التي نقلت هنا، ولا أعرف أمانة ما الذي قيل عني هنا في ذلك الوقت.
ولكن إذا على ما ذكر في بعض الجزئيات من اللقاء مثل عدم سعادتي في ذلك الوقت فقط، سأقول لك نعم كنت أمرُّ بفترة غير جيدة، لابتعادي عن عائلتي ومحيطي، والدي ووالدتي وإخواني، وبعد قدومي إلى الرياض بفترة وجيزة توفيت والدتي ثم توفيت جدتي بعدها، وأنا لم أستطع زيارتها بسبب عوامل السفر والإجازات، ودخلت في عامل نفسي صعب لأنني لم أرَ جدتي منذ فترة طويلة قبل وفاتها، ولم أستطع أن أرتاح أو أريح نفسي برؤيتها حتى بعد وفاتها، بعد ذلك استغللت فترة إجازة أربعة أيام وذهبت إلى تقديم واجب العزاء والدفن، على الرغم من أن أغلب الأيام ذهبت في الطريق، لبعد المسافة بالطائرة بين الرياض والبرازيل.
أي إنسان يغيّر محيطه وبيئته سيجد بعض الصعوبات في البدايات، وهذا طبيعي جدًّا، في بداية قدومي لم أتأقلم أو أتفهم بعض الأمور، ولم أجد لغة التفاهم أو التواصل بيني وبين بعض اللاعبين، بسبب عوائق اللغة، خاصة أنني لا أجيد اللغتين العربية والإنجليزية.
وفي كل نادٍ تمر عليك أيام جميلة وأخرى صعبة، هذا طبيعي حتى في ناديي فلامنجو وجوياس البرازيليين، مررت بفترات عصيبة وغير جيدة، واحتضنوني فيها، هذا يحدث لأي إنسان، لأننا نمتلك مشاعر، وأنا بطبعي عاطفي جدًّا وأحب السعادة وأن أسعد من حولي، الجانب الذهني والعاطفي مهم جدًّا أيضًا.
وبالنسبة للعروض، نعم وصلتني عروض من أندية برازيلية، ولكن أبدًا لم أتواصل أو أتحدث معها، وأحترم عقدي مع الهلال، ولم أتعرض في حواراتي لذكر الهلال بأي شيء سلبي أبدًا.
07
والآن هل تشعر أنك سعيد ومرتاح بالمعيشة في الرياض بعد زوال هذه الأمور؟
اقتربت كثيرًا من التأقلم، ما زلت أشعر بالغربة، لذا جلبت بعض أصدقائي القريبين مني إلى الرياض، سيأتي والدي بعد فترة وأحد أصدقائي أيضًا، حتى حلاقي في البرازيل سيحضر بعد فترة، وأنا أشكر النادي على ذلك، أحاول جاهدًا أن أوفر الأجواء التي لا تشعرني بالغربة، وفي عقدي مدة كافية جدًّا للتأقلم والعطاء في الفترة المقبلة.
08
الموسم الماضي تخلفتم بفارق 16 نقطة عن منافسكم الاتحاد.. لكنكم عدتم وتوجتم باللقب.. كيف حدث ذلك؟
الهلال نادٍ كبير جدًّا، سواء من ناحية اللاعبين الأجانب أو المحليين، وما يمتلكونه من إمكانات كبيرة، كانت تجمعنا دائمًا أحاديث جانبية أتذكر منها الحديث الذي دار بيني وبين سعود كريري، مدير الفريق أو الإداري أحمد موسى، كنت دائمًا أؤكد فيها أننا سنكون أبطال الدوري.
قبل مباراة الاتحاد المفصلية كان أمامنا نهائي كأس الملك وخسرنا فيه اللقب، ودخلنا أجواء شك بفقدان الدوري أيضًا، ولكن منذ تلك اللحظة بدأنا نفكر أن الآن ليس أمامنا شيء نخسره، ولدينا فرصة واحدة فقط تعيد لنا الأمل وهي الانتصار على المتصدر في ذلك الوقت، لذا من بعد النهائي بذلت أضعاف ما كنت أعمله في إعداد نفسي لكل مباراة، والمجموعة كاملة أيضًا استوعبت هذا الأمر وأدت عملًا جيدًا، بعد الفوز على الاتحاد كان أمرًا جميلًا، لكن أن تكون البطل فهذا أمر مختلف جدًّا وأجمل بكثير، ليس من أجل المال بل من أجل التاريخ الذي لا يمحى، لأن الإنجاز هو الذي سيبقى ويذكر لأبنائك وأحفادك، سأحكي لهم قصص ما حققته من بطولات وإنجازات، وليس ما حققته من مال.
في الأخير، أنا لا أرى نفسي أفضل من أي أحد، لكن أحاول جاهدًا مساعدة زملائي اللاعبين دائمًا مثلما هم أيضًا، لديهم الشعور نفسه، عندما اجتمعت هذه الأشياء أسهمت في قلب الطاولة.
09
لعبتم ثلاث مباريات بداية الموسم الجاري حققتم فيها الانتصار، تلاها ثلاث أخرى شهدت تعثرات متكررة، لماذا ظهر مستوى الهلال بشكل متفاوت؟
حينما يكون لدينا هدف ورغبة والتزام أعتقد وقتها سنحقق أي شيء، الهلال نادٍ كبير وعظيم جدًّا، وهذا ليس تقليلًا بالآخرين، ولكن هذا هو الواقع.
يجب أن نفكر في كيفية جمع قوانا مرة أخرى بشكل جماعي، ولا نفكر بشكل فردي، ونحن قادرون على تحقيق أي شيء في الموسم الجاري والمنافسة على كل البطولات.
10
مَن أقرب لاعب لك في الهلال؟
حدد سعودي أم أجنبي.
11
ليس مهمًا، أنت من ترى أنه أقرب لك سواءً من الأجانب أو المحليين؟
من المحليين هم كثر بصراحة، ولكن إذا كنت مضطرًا لذكر أو اختيار اسم واحد أو اثنين، فالذي دائمًا ما أمزح معهم وأفهمهم أكثر هم محمد جحفلي وسعود عبد الحميد، وبالنسبة للأجانب ماتيوس بيريرا، الذي يعد ابن بلدي ولغة التواصل معه أسهل، وجمعتني به الأقدار في السعودية.
12
قبل الختام، ما الأهزوجة العالقة في ذهنك من قبل جمهور الهلال؟
عن الغناء صحيح أنني شخص أحب الضحك والمزح كثيرًا، لكن في هذا الحوار أتمنى أن تعذرني لن أغني.
13
كلمتك الأخيرة له؟
أخيرًا، لا يوجد أي كلمة أستطيع أن أوجهها لجمهور الهلال سوى كلمة شكرًا.. شكرًا لكل شيء، للحب والاهتمام والدعم الذي أجده دائمًا منه، فقط أقول شكرًا لكل جمهورنا العظيم واحد واحد.
حجم الأندية الكبيرة قد يكون بما تحققه من إنجازات، ولكن ما يزيدها عظمة ويمنحها حجمًا أكبر هو القاعدة الجماهيرية التي تملكها ودورها خلف أنديتها، فالنادي هو انعكاس لجمهوره الذي يعد له الأثر الأكبر فيما وصل إليه، في الفترة القريبة الماضية حضرت حفل الإعلان الرسمي لفيلم الهلال “الروح الزرقاء” الذي يتكلم عن تاريخ عظيم جدًّا تحقق في السابق لهذا النادي، ويجب أن يكون لنا نحن أيضًا بصمتنا في الجيل الحالي لمواصلة الإنجازات، لكن إذا لاحظت ستجد أن ما تحقق سابقًا وسيتحقق مستقبلًا خلفه هذا الجمهور الكبير، الذي أقول له فقط استمر وامنحنا السعادة بالدعم والمؤازرة التي ستسهم في تحقيق نتائج إيجابية تضيف المزيد لتاريخ النادي، والعطاء في الفترة المقبلة.