2023-02-15 | 23:31 مقالات

رسائل واتساب

مشاركة الخبر      

رسائل الواتس تعبر عن أمزجة أصحابها، وتذهب أبعد من ذلك، وتصل إلى حجم عقولهم، وطريقة تفكيرهم، هناك نوع واحد من الرسائل، التي تصلني من أحد الأصدقاء، لا يتجاوز فيها حدود الدفاع عن فريقه المفضل، ومحاولة تقزيم المنافس التقليدي، أصبحت أتأخر في فتح رسائله بسبب الملل منها ومن عدم منطقيتها. وهو من الأصدقاء المحتفلين دومًا إما بفوز فريقه أو بخسارة الفريق المنافس.
صديق آخر لا يفرق فيما يرسل، فتارة يرسل دعاءً، ثم لا يتأخر ساعة أو ساعتين حتى يرسل نكتة غير صالحة للنشر، أو يرسل رسالة عن أهمية المال في الحياة، ثم يرسل رسالة بعد يومين مفادها أن الأثرياء غير سعداء! والحقيقة أن رسائله تشبه شخصيته المتغيرة أو غير المستقرة، في إحدى المرات سألته عن سبب إرساله هذه الكميات الكبيرة من الرسائل، التي تتعارض مع بعضها، فأجاب وبما معناه بأنه يعتمد سياسة إغراق السوق! فما لا يعجبك يعجب غيرك، وما يعجبك لا يعجب غيرك، والإغراق يضمن أن هناك معجبًا على طول الخط! اليوم اخترت مجموعة من رسائل الواتساب، التي وصلتني في الأيام الماضية، ومن المؤكد أنني لن اختار منها مما أرسله الصديقان المذكوران. رسالة واتساب من أحد محبي كوكب الشرق، أم كلثوم، لا يتحدث فيها عن جمال صوتها، بل عن خفة ظلها (كان بين أم كلثوم والكاتب الصحافي محمد التابعي خلاف، وعندما رآها صدفة، وهي تستعد لركوب سيارتها، حاول تلطيف الأجواء، لكي ينهي الخلاف بينهما، فسألها: رايحه فين؟ فقالت: حدايق القبة. فقال لها: طب خديني معاكي. فقالت: بقولك حدايق القبة مش حدايق نفسي!) القراءة تنير العقل، وتهذب اللسان، ومن يقرأ يتحصل دون عناء على ما وصل إليه المؤلف بعناء، سواء عناء التأليف أو ما كتبه عن تجارب حياته المكلفة. غيرت القراءة حياة أحد الأصدقاء، التقيت به بعد 15 عامًا، فكان شخصًا مختلفًا، وعندما زرته وجدت مكتبة تملأ صالون بيته، حينها قال لي بأنه لم يتوقف يومًا عن القراءة منذ أكثر من 10 سنوات. رسالة الواتساب التالية تظهر الفارق بين أخوين أحدهما يقرأ والآخر لا يقرأ (كان أخي الأصغر مهووسًا بكتب الفلسفة، حتى بات يتحدث بطريقة فلسفية مزعجة، وعلى سبيل المثال إذا أراد الطعام قال لأمي: الجوع كافر وأنت الإيمان يا بنت الأكابر..! وإذا أراد النقود يقول لأبي: يا ابن جدي هل أمسيت فقيرًا أم أنك تستلذ بفقري..؟ وإذا أراد شيئًا من أختنا الصغيرة قال لها: سيد القوم خادمهم، فهل لكِ أن تكونِ سيدتي؟ كانت أمي تبتسم وتحضر له الطعام، وأبي يبتسم ويعطيه النقود، وأختي تضحك وترتب حوائجه. وأنا لأنني لم أقرأ لسقراط وأفلاطون وشكسبير لا أحد يحضر لي الطعام، ولا أحد يعطيني نقودًا، ولا أحد يرتب حوائجي!).