2023-03-03 | 22:59 مقالات

كلام ويك إند

مشاركة الخبر      

ـ مقال اليوم لـ(الويك إند) وأقصد أنه بعيد عما يخرجنا من جمال الإجازة وهدوئها، مع أن وسائل التواصل لم تبقِ هدوءًا على حاله، لقد جعلت من الأيام متشابهة للذين أدمنوا عليها، وصارت تتحكم بأوقاتهم وبأمزجتهم، وطالما أنني بدأت الكلام عن وسائل التواصل فالظاهر أنني أحد المدمنين عليها، والدليل شعوري بالفزع كلما بحثت في جيبي عن جوالي ولم أجده.
مواقع التواصل انشغلت بحفل زفاف في باكستان، قدّم فيه الزوج مهرًا أسطوريًا عبارة عن وزن زوجته ذهبًا، وأظهر المقطع ميزانًا كبيرًا جلست الزوجة في إحدى كفتيه بينما الذهب في الكفة الأخرى، وتناقل أهل السوشال ميديا مقطع الفيديو القصير، وانشغلوا بالتعليق عليه، كل يدلي برأيه، بعضهم كان غاضبًا جدًا، وبعضهم رأى أن الرجل يعطي زوجته من ماله، وأخريات ممن يعشقن الذهب وصفوا المشهد بالرومانسي، وأظن يقصدن الذهب نفسه، الطريف أن الزوج علّق لاحقًا وبعد انتشار الفيديو بأن الذهب ليس حقيقيًا، وأنه أراد صناعة فيديو مثير! الدرس ليس كل ما يلمع ذهبًا، بل ليس كل ما على السوشال ميديا حقيقيًا!
ـ لا أعتقد أن هناك عدوًا للإنسان أكثر من الطمع، فكرت مرارًا عن عدو يوازي هذا الشرس فلم أجد، حاولت تذكر الأمثال التي أحفظها والتي حذرت الإنسان ممن يشكلون خطرًا عليه، تذكرت العجلة وندم نهايتها، وتذكرت التكبر ومن تكبر على الناس ذل، وتذكرت أضرار الحقد على الحقود و(بات نار تصبح رماد) ووجدت أن كل ما يشكل خطرًا على الإنسان لا يبدو أكثر من ريشة في عاصفة الطمع، والتحدي أن الطمع صفة إنسانية لكنها تختلف من شخص لآخر، تبدو ظاهرة عند أحدهم وتبدو مختفية عند آخر، أي أن أحدهم صبر على الطمع فابتعد عن شره، وآخر قدّمه وإن كان تحت مسميات ومبررات أخرى لكي لا يبدو أنه طماع.
ولأن الطمع نقطة ضعف، ولأن (الحرامية) يحاولون التسلل من نقاط الضعف، استغلوا الطمع عند الإنسان، والقارئ لأشهر عمليات الاحتيال في المئة عام الأخيرة يجد أنها تأتي بطريقة تخاطب هذه الصفة، خصوصًا من الشركات الوهمية لتوظيف ومضاعفة الأموال، وأتذكر قبل عام أن الشرطة في دولة عربية ألقت القبض على رجل كان يعطي أرباحًا تبلغ 100 % كل ثلاثة أسابيع! ومع أن النسبة من سابع المستحيلات في عالم التجارة إلا أن المئات كانوا يقفون منذ الصباح عند باب المحتال لتسليم أموالهم له، وهم أنفسهم كانوا قد قرأوا وسمعوا عن الآلاف الذين فقدوا أموالهم بنفس الطريقة التي جاؤوا بها للمحتال الجديد! عالم الإنترنت وسّع من العملية، وآخر الضحايا ما قرأته عن ضحايا جدد في دولة عربية وقعوا بنفس الطريقة، مع اختلاف بسيط، فهذه المرة توظيف الأموال في سك العملات الرقمية، قامت الشركة الوهمية في البداية بتوزيع الأرباح الكبيرة (الطُعم) وبعد أن سمع الكثير من الناس بالأرباح قدموا مدخراتهم دون أي تفكير أو مراجعة، وكالعادة هرب المحتال بأموال الطماعين!.