كلام ويك إند
بعض القراء في العالم ينحازون للقراءة أمام أي خيارات ثانية، هم لاجئون دائمون في دولة الكتاب، بلداتهم الصفحات، ومدنهم أجزاؤه، شوارعهم السطور، وحدائقهم المعاني، من الصعب جدًا أن تقنع من اعتاد القراءة أن يهجر الكتب، فالمسألة تعدت الفائدة ووصلت للعلاقة الروحية. لأجاثا كريستي هذه الحكاية القصيرة. (قال لي مرة: إما أنا أو الكتب.. ما زلت أتذكره أحيانًا.. عندما أشتري كتبًا جديدة).
اليوم سألتقي بأحد الأصدقاء القدامى، إن شاء الله، أعتبره من أذكى الذين عرفتهم، لم يكن متفوقًا في الدراسة، كما لم يكن ضعيفًا، كان ذا ذكاء متوسط، حتى قفز بذكائه قفزة كبرى، فأصبحت أراه من أذكى الذين عرفتهم، حكايته أنه لم يكن متخصصًا في مجال محدد، حتى جاءته الفرصة وهو في الثلاثين، عندما تعرّف على متخصص في صناعة الطاولات الخشبية، كان لديه مشغل متوسط الحجم، حينها شعر الصديق بانجذابه لعالم الأخشاب، فقال لصانع الطاولات بأنه يرغب بتعلم صناعتها، لم يوافق صاحب المشغل ولم يرفض، لكنه طلب منه أن يقرأ عن الأخشاب وعن مصادرها، وأن يتعرف على أسمائها وأهم الشركات المتخصصة، ثم طلب منه أن يعود له بعد شهرين، وسيقبل بتعليمه المهنة، إن نجح في الاختبار الذي سيجريه له بعد شهرين، عاد صاحبنا إليه بعد شهرين، وعندما اختبره صاحب المشغل أدرك أنه جاد فيما هو مقبل عليه. منذ ذلك الوقت وصديقي يحب ما يفعل، ويكسب مما تصنع يديه، أتقن مهنته للمستوى الذي سمح له أن يبيع الطاولة الصغيرة بآلاف الدولارات.
الإنسان مع مرور الزمن والتفكّر يتوصل إلى ما فاته من حقائق الدنيا، أننا عابرون سريعًا مهما شعرنا ببطئ الزمن في فترة من الفترات، وأن الجمال الحقيقي في جمال الروح والأثر الطيّب. اليوم لم أعد أرى للاحترام وجهًا واحدًا، ليس مجرد كلمات طيبة تقال للشخص المقابل، بل في الالتزام في الكلمة، وإجادة العمل على أفضل وجه، وأن تكون زائرًا خفيفًا، وأن تكون أنيقًا نظيفًا، وأن يكون لسانك عفيفًا وتنتقي الألفاظ المناسبة واللطيفة. ما أكثر وجوه الاحترام، وجميعها تبدأ من احترام المرء لنفسه أولًا.
يُنسب لشمس الدين التبريزي (الأهم من سفر المكان سفر الوجدان بداخلك، فما نفع تبديل الأماكن وأنت أنت؟).