2023-04-27 | 23:58 مقالات

الطماطم المظلومة!

مشاركة الخبر      

الحظ لا يؤثر على أحوال البشر فقط، بل حتى على الفواكه والطيور والأشجار، فيرفع من سمعة فاكهة أو طائر، بينما لا تأخذ فاكهة أو طائر حقهما الطبيعي من الثناء المستحق، وفي مخيلتنا نعتبر الفراولة والكرز من الفواكه الرقيقة الأنيقة، لذلك نجدهما في قصائد الغزل والوصف، بينما لا نفعل ذلك مع الطماطم التي نأكلها من ضمن معظم ما نأكل، فهي من مكونات الكبسة، والشكشوكة، والسلطات، ومعظم أنواع السندويتش، ونستخرج منها معجون الطماطم الذي لا يخلو منه مطبخ في العالم.
ومع كل هذه الاستخدامات (الطماطمية) إلا أننا لا نعطيها حقها من المديح، بينما نقدمه للفراولة والكرز اللذين لا نأكلهما إلا في موسمهما، وقد لا نأكلهما طوال العام! هل سمعتم يومًا شاعرًا يصف خدود محبوبته بالطماطم؟ لن تجدوا.. ربما نادرًا، مع أن ألوان أصنافها تغطي كل درجات اللون الأحمر وصولًا للوردي، لكنكم ستجدون الفراولة والكرز في الشعر والنثر والرواية والقصة القصيرة والخواطر، بينما الطماطم هي الأقرب والأنفع لنا، وتعتبر الفاكهة الأكثر استخدامًا في العالم، ومن شدة ظلم الطماطم إعلاميًا لم أعرف أنها من الفواكه إلا منذ أسابيع عندما كنت أبحث عن أسئلة لبرنامج المسابقات الذي قدمته في رمضان، كان السؤال: ما هي أكثر فاكهة يأكلها البشر؟ اختار المتسابق التفاح، وعندما علم بالإجابة الصحيحة قال بأنه لم يكن يعلم بأن الطماطم من الفواكه. يوجد في العالم 9000 نوع من الطماطم بينما يوجد 7500 نوع من التفاح، لكن الحظ يقف بجانب التفاح! هل سمعتم يومًا أن أحدهم طبخ كبسة بالتفاح؟ أو استخدم معجون الكرز في المعكرونة؟. ليست الطماطم فقط مظلومة إعلاميًا واجتماعيًا وأدبيًا، حتى في عالم الطيور والحيوانات هناك مظاليم، وقبل مدة شاهدت مقطعًا قصيرًا عن حيوان اسمه غرير العسل، شاهدت كيف يدافع عن نفسه بكل شجاعة ضد 3 نمور، كان يصد هجومهم بشراسة، بل ويهاجمهم أيضًا، وعندما شاهدوا شجاعته تراجعوا من الورطة التي وضعوا أنفسهم بها حفاظًا على سمعتهم، مَن منا يعرف غرير العسل؟ مَن منا سمع أو قرأ عن شجاعته؟ لا أظن إلا القلّة سمعت عنه، بينما جميعنا نسمع ونقرأ عن شجاعة الأسود والنمور والفهود، لكننا لا نسمع شيئًا عن غرير العسل، الذي يوصف بالأشجع! لا أدري ما هي مشاعره وهو يرى المديح والثناء يذهب للأسود والذئاب والنمور، بينما لا يذكر اسمه!؟ في العالم كله هناك من لا يأخذون حقهم الكامل في معرفة قيمتهم الحقيقية، سواء من البشر أو غير البشر، وفي بعض الأحيان لا نعرف قيمة أحدهم أو قيمة الشيء إلا بفقدانه، وهذا فيه ظلم للطرفين، الأول أننا لم نعطِ الحق لصاحبه، والثاني أننا ظلمنا أنفسنا بهذا التصرف، ونيابة عن كل سكان العالم أطالب الشعراء والأدباء بذكر الطماطم في الوصف والغزل إحقاقًا للحق. أما غرير العسل فأرجو منك الانتظار يا عزيزي، موضوعك يحتاج إلى تمهيد وإلى تسويق طويل.