العالم
الذي نعيش
العالم يتغيّر بسرعة تتقطع فيها الأنفاس، كان الحرامية يسرقون من خلال السطو على البيوت والبنوك، يدخلون في ظلام الليل بهدوء وحذر، يلبسون الأقنعة لكي يخفوا وجوههم، لذا كانت السرقات عالميًّا محدودة، ولكن وما أن بدأ عصر الإنترنت بذكائه الاصطناعي حتى وجد الحرامية وضعاف النفوس ضالتهم، لم يعودوا بحاجة للبس قناع وحفر نفق يوصلهم لخزنة البنك، أو القفز عبر أسوار المنازل، الآن ومن خلف مكتب أو أي غرفة في أي مكان من العالم يمارسون سرقاتهم دون عناء.
الإنترنت شجع كل نصف حرامي أن يكون حراميًا كاملًا، وكل من لديه رغبة كامنة في السرقة أن يظهرها، فسرقات الإنترنت لا تحتاج شجاعة السطو المسلح والسرقة في الظلام، كل ما تحتاجه أخلاق سيئة وضمير ميت. الإنترنت بطريقة ما أصبح ربيعًا دائمًا للحرامية، فمع كل تطور تقني هناك تطور في طرق السرقات، آخرها عندما سرقوا وجه وصوت الممثل الشهير توم هانكس وجعلوه يقدم إعلانًا لصالح شركة تأمين على الأسنان! هانكس قال عبر صفحته على إنستجرام: حذار.. لا علاقة لي بالفيديو المتداول والمروج للتأمين على الأسنان، إنه نسخة ذكاء اصطناعي مني! من كان يصدق أن يومًا يأتي يقول فيه أحدهم لقد تمت سرقتي، وعندما يُسأل: وما الذي سرقوه منك؟ فيجيب: وجهي وصوتي!
شاهدت فيديو عجيبًا لإحدى قرى العالم الذي نعيش، كُتبَ عند مدخل القرية تعليمات وشروط وعلى الزائرين الالتزام بها، أولًا يمنع التدخين في القرية، ويعاقب المدخن بالتوبيخ وقد يصل العقاب هجاءه شعرًا، محذرين أن القرية تعج بالشعراء الفطاحل، كما أن المدخن يُطرد بعد أن ينال جزاءه. الشرط الثاني يمنع استخدام الإنترنت إلا في أوقات محددة، فمن العيب كما هو مكتوب أن يتحدث معك أحد بينما أنت مشغول بالقراءة أو الكتابة على هاتفك فهل جئت لزيارتنا أم للعبث في هاتفك؟. الشرط الثالث ألا تتحدث فيما لا يعنيك ولا تعرف ولست متأكدًا منه، لأنهم كما كتبوا في الشروط يريدون لقريتهم أن تكون بعيدة عن الإشاعات والأكاذيب والجهل. لا أتذكر بقية الشروط لكن أحد المشاهدين للفيديو كتب تعليقًا يقول:.. شروطكم أصعب من زيارة البنتاجون.. قولوا لا تجونا وخلاص!